العشائر المسلحة في العراق: تحدي وجودي للدولة
في عمق المشهد العراقي، تتعايش دولتان فوق الأرض نفسها: دولة القانون التي تحاول فرض حضورها عبر الحملات الأمنية وبرامج نزع السلاح، ودولة غير مرئية تشكّلها العشائر وشبكات السلاح والتهريب وصفحات التداول السوداء التي تتحرك بسرعة تفوق قدرة السلطات على الملاحقة. وبينهما يقف المواطن، محاصراً بين الحاجة إلى الحماية والخوف من الفوضى، وبين وعد الدولة وقدرة العرف، في مشهد يعكس أزمة عميقة لم تعد تبدأ من نزاع عشائري ولا تنتهي بحدود حملة أمنية.
النزاعات العشائرية: تحدي وجودي للدولة
فى السنوات الأخيرة، تحولت النزاعات العشائرية إلى واحدة من أكثر المظاهر خطورة في البنية الأمنية. معارك تُشعلها شرارة صغيرة، ثم تتسع لتأخذ شكل اشتباكات حقيقية تستخدم فيها أسلحة لا يفترض أن تكون خارج ثكناتها. ومع كل حادثة، يتضح أن السلاح الذي تحاول الدولة جمعه يعود إلى الشارع في دورة جديدة لا تنتهي، وأن الانفلات لم يعد سلوكاً فردياً بل جزءاً من اقتصاد معقّد يربط السلاح بالنفوذ والمال والسياسة.
العشائر والتهريب: سوق السلاح السوداء
قال الخبير في الشؤون الاستراتيجية والأمنية جاسم الغرابي إن نزاعات العشائر المسلحة لم تعد مجرد خلافات محلية بل تحدياً وجودياً لقدرة الدولة على فرض الأمن، مؤكداً أن إدراج هذه النزاعات ضمن الأعمال الإرهابية خطوة مهمة، لكنها لا تعالج الجذور التي تغذي العنف. ويرى الغرابي أن المشكلة ليست أمنية بقدر ما هي اجتماعية واقتصادية ونفسية، حيث يقف المجتمع أمام فراغ طويل خلّفته سنوات انهيار التنمية وضعف الثقة بمؤسسات الدولة، ما جعل العشيرة المرجعية الأولى في أوقات النزاعات.
الإنترنت المظلم: سوق السلاح العالمي
لكن القصة لا تقف عند حدود العشيرة وحدها. في الظل، تتنامى تجارة السلاح بصمتها الهائل، مدفوعة بسيولة الأزمات. فبضغطة زر يمكن الحصول على قطعة سلاح عبر إحدى منصات التواصل،

