المخاوف من تصعيد إسرائيلي ضد إيران وتأثيره على العراق
الخلفية
تزايدت خلال الأسابيع الأخيرة التقارير الصادرة عن مراكز أبحاث إسرائيلية تتحدث عن سيناريوهات تصعيد قد تشمل استهداف المرشد الإيراني علي خامنئي، بوصفه أعلى سلطة في النظام الإيراني. وبرغم أن هذه التقارير لا تمثل إعلاناً لنية مباشرة، إلا أنها أثارت مخاوف واسعة في العراق، لكون البلاد تقف في أكثر نقطة حساسة بين واشنطن وطهران، وتملك ارتباطاً أمنياً وسياسياً واقتصادياً عميقاً بملفات إيران الداخلية.
تأثيرات محتملة على العراق
مع تصاعد الحديث عن “الخيارات القصوى” في التعامل مع إيران، يعود النقاش في بغداد إلى التجارب السابقة التي شهدتها المنطقة عندما جرى استهداف رأس الدولة أو إسقاطه، كما حدث في العراق عام 2003 وليبيا عام 2011، وما خلفته تلك الأحداث من فراغات أمنية حادة وارتدادات إقليمية طويلة الأمد.
ردود الفعل الأمنية
قال الخبير في الشأن الأمني والاستراتيجي اللواء المتقاعد جواد الدهلكي إن “أي تصعيد عسكري أو محاولة استهداف قد تطال شخصيات عليا في القيادة الإيرانية قد تُحدث موجة ارتدادات سريعة ومباشرة على العراق”، مشيراً إلى أن “العراق من أكثر الدول عرضة للتأثر نظراً لوجود قوات دولية على أراضيه وتشابك علاقاته مع الولايات المتحدة وإيران، إضافة إلى وجود جماعات مسلحة قد تنخرط في ردود فعل مرتبطة بتطورات الإقليم”.
التأثيرات الاقتصادية
وأوضح أن “مثل هذا الحدث قد يقود إلى توترات أمنية داخلية وزيادة نشاط بعض المجموعات المسلحة، وهو ما يضع الأجهزة الحكومية أمام اختبار صعب”، مضيفاً أن “التصعيد قد يؤثر أيضاً على المشهد السياسي من خلال تعميق الانقسامات داخل القوى العراقية”. وأشار الدهلكي إلى أن “العراق قد يشهد تأثيرات اقتصادية مباشرة، أبرزها تقلبات في أسعار النفط وأسعار الصرف، واحتمالية تأثر خطوط الطاقة والتجارة مع إيران”، محذراً من “ضغوط دولية محتملة تُمارس على بغداد لمنع استخدام أراضيها في أي صراع”. وأكد أن “العراق قادر على تحييد نفسه إذا فعّل دوره الدبلوماسي ورفع مستوى التنسيق الأمني الداخلي وضبط الحدود”.
المخاطر الإقليمية
ترتبط المخاوف الحالية بما نشرته مراكز تحليل أمريكية وإسرائيلية حول “احتمالات استهداف القيادة العليا في إيران”، حيث يشير أغلب تلك التقارير بشكل مباشر إلى المرشد علي خامنئي بوصفه “نقطة الثقل” داخل النظام الإيراني. هذا النوع من السيناريوهات يُعد من أخطر مسارات التصعيد، بالنظر إلى طبيعة النظام السياسي في إيران الذي يتركز في قمّته القرار الأمني والعسكري والنووي والسياسي.
العواقب التاريخية
تجارب المنطقة تبرهن على أن استهداف رأس النظام في دولة تمتلك نفوذاً إقليمياً واسعاً لا يؤدي إلى تغيير داخلي فقط، بل يفتح الباب أمام اضطرابات عابرة للحدود. وفي العراق، أدى إسقاط نظام صدام حسين إلى انهيار مؤسسات كاملة وصعود جماعات مسلحة وامتداد الفوضى لسنوات. وفي ليبيا، أدى سقوط القذافي إلى تفكك الدولة واستمرار الصراع حتى اليوم.
التأثيرات الإقليمية لإيران
وبالنظر إلى أن إيران تمتلك شبكة نفوذ إقليمية تشمل العراق وسوريا ولبنان واليمن، فإن أي استهداف للمرشد قد ينعكس فوراً على هذه الساحات عبر ردود فعل سياسية أو أمنية، وقد يتسبب بضغط مباشر على حكومة بغداد لمنع تحرك الفصائل أو تقييد خطوط الدعم.
المخاطر الاقتصادية
اقتصادياً، يعتمد العراق على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، إضافة إلى حجم كبير من التبادل التجاري. أي اضطراب كبير داخل إيران أو على حدودها سيؤثر على الإمدادات بشكل سريع، مع إمكانية حدوث تقلبات في أسعار النفط والصرف، وهو ما يجعل الأزمة ليست سياسية وأمنية فقط بل اقتصادية أيضاً.
الضغوط الدولية
على المستوى الدولي، من المتوقع أن تواجه بغداد ضغوطاً متزايدة للحفاظ على الحياد ومنع أي استخدام للأراضي العراقية في عمليات انتقامية، وهو ما يضع الحكومة أمام تحديات إضافية في بيئة سياسية حساسة.

