المشهد السياسي العراقي: تحديات وتوقعات لتشكيل الحكومة المقبلة
خلفية المشهد السياسي
لم يعد سؤال "من سيكون رئيس الوزراء المقبل؟" مجرد استحقاق دستوري يتكرر بعد كل انتخابات، بل تحوّل في هذه الدورة إلى ملف تتقاطع عنده توازنات الداخل العراقي مع رسائل الخارج وتحولات الإقليم من سوريا إلى إسرائيل والخليج. وبينما يؤكد الإطار التنسيقي أنه يبحث عن "مواصفات صارمة" لشاغل المنصب، يدفع حزب الدعوة باسم نوري المالكي إلى الواجهة مجدداً، فيما تتحدث تحليلات صحفية عن نموذج "رئيس حكومة مدير تنفيذي" تعمل خلفه القوى الفاعلة على إدارة الملفات الكبرى.
معايير اختيار رئيس الوزراء
يوضح عضو الإطار التنسيقي محمود الحياني أن المرحلة الحالية "تتطلب اختيار شخصية قوية وقادرة على إدارة الدولة بحكمة ومسؤولية"، مشيراً إلى أن المشهد الإقليمي يشهد تحولات عميقة في ملفات سلام سوريا وإسرائيل والتوازنات الجيوسياسية. ويضيف أن الإطار يجري "مناقشات معمقة" بشأن معايير اختيار رئيس الوزراء المقبل، مع التشديد على ضرورة أن تكون الشخصية "مقبولة وطنياً" وقادرة على التعامل مع الضغوط الخارجية والداخلية.
نموذج رئيس الحكومة المدير التنفيذي
نشرت صحيفة الشرق الأوسط، نقلاً عن مصادر قالت إن الإطار التنسيقي توصل إلى معايير "شبه نهائية" لاختيار رئيس الوزراء، من بينها ألا يكون المرشح منشغلاً ببناء مشروع حزبي شخصي، وأن يتولى دور "المدير التنفيذي" بينما تتحمل القوى الشيعية مسؤولية القرارات الكبرى. هذا الطرح يعيد فتح النقاش حول وظيفة رئيس الوزراء المقبلة: هل هي قيادة تنفيذية كاملة، أم إدارة يومية للسلطة، بينما تستمر مراكز نفوذ أخرى في التحكم بالملفات الأكثر حساسية؟
ترشيح نوري المالكي
دخل حزب الدعوة على خط السباق بإعلان ترشيح نوري المالكي لرئاسة الوزراء، قبل أن يتم حذف البيان سريعاً "بناءً على أوامر عليا" وفق مصادر مقربة من اتلاف دولة القانون. وعلى الرغم من حذف البيان، تؤكد المصادر أن الحزب لم يتراجع عن دعم المالكي، وأن الخطوة جاءت لضرورات تتعلق بإدارة التفاوض وعدم استباق نتائج الحوارات داخل الإطار التنسيقي ومع القوى السنية والكردية.
تحديات الحكومة المقبلة
يشير استمرار التسريبات والتكهنات إلى أن المشهد السياسي العراقي لم يغادر بعد دائرة التعقيد التي رافقت تشكيل حكومات السنوات الماضية. فالنقاش حول رئاسة الوزراء لا يتعلق باسم يتم الاتفاق عليه خلف الأبواب، بل بملفات عالقة تحتاج إلى قرار واضح: كيف ستدار العلاقة مع الولايات المتحدة وإيران؟ ما هو مستقبل سلاح الفصائل؟ ما مدى قدرة الحكومة المقبلة على مواجهة الأزمة الاقتصادية التي تضغط على الشارع وتضعف الشرعية السياسية؟
الخلاصة
يبدو المشهد مفتوحاً على كل الاحتمالات. والسؤال الجوهري الذي سيحدد اتجاه المرحلة المقبلة هو: هل ستنتج القوى السياسية رئيس وزراء قادر على الجمع بين القوة والقبول والقدرة على الإصلاح، أم أن التوازنات ذاتها ستعيد إنتاج صيغة مألوفة بوجه جديد؟

