اكتب مقالاً عن
+أ-أ
بغداد اليوم – بغداد
أعاد إعلان الإطار التنسيقي نفسه الكتلة الأكبر داخل مجلس النواب خلط التوازنات السياسية في بغداد، فاتحاً الباب أمام مرحلة أكثر تعقيداً في مسار تشكيل الحكومة المقبلة.
الخبير في الشؤون السياسية والاستراتيجية عباس الجبوري يرى أن الخطوة لم تكن مجرد إعلان سياسي عابر، بل محاولة لإعادة تثبيت مركز الثقل داخل البرلمان، خصوصاً بعد أسابيع من الجدل المتصاعد حول التفسيرات الدستورية المتعلقة بالمادة 76 ومفهوم الكتلة الأكبر.
ويقول الجبوري لـ بغداد اليوم إن هذا الإعلان يمثل “تطوراً سياسياً لافتاً قد ينعكس بصورة مباشرة على خارطة التحالفات”، لكنه في الوقت ذاته “سيظل موضع خلاف إلى حين حسمه عبر الآليات الدستورية”.
ويرى أن الخطوة هي جزء من معركة النفوذ داخل مجلس النواب، حيث يسعى الإطار إلى إثبات امتلاكه رقماً كافياً يمنحه أحقية تسمية رئيس الوزراء، فيما تتحفظ قوى سياسية أخرى على شرعية هذا الإعلان، ما يعمّق حالة عدم اليقين حول المسار المقبل.
التداعيات المحتملة لا تقف عند حدود البرلمان. فبحسب الجبوري، قد نشهد في الأيام المقبلة اتساع الجدل الدستوري داخل مجلس النواب حول قانونية الإعلان، واحتمال لجوء أكثر من طرف إلى المحكمة الاتحادية لرفع طعون رسمية، خصوصاً مع عودة الجدل التقليدي حول توقيت تحديد الكتلة الأكبر وما إذا كان يجب أن يكون قبل الجلسة الأولى أم بعدها.
ويضيف أن المشهد قد يجرّ البرلمان إلى مفاوضات جديدة بين الكتل الرئيسية، لإعادة رسم خطوط التحالفات بشكل يمنع انزلاق البلاد نحو انسداد سياسي جديد.
لكن الصورة تزداد تعقيداً عند إدخال المتغير الخارجي. فبالتزامن مع إعلان الإطار الكتلة الأكبر، نشر المبعوث الأمريكي إلى العراق مارك سافايا بعد ثلاث ساعات فقط صورة من داخل وزارة الحرب الأمريكية “البنتاغون”، خلال لقائه وزير الحرب الأمريكي، في خطوة رآها مراقبون رسالة مباشرة للطبقة السياسية في بغداد. فبحسب محللين، تحمل الإشارة الأمريكية دلالتين أساسيتين: الأولى أن واشنطن تراقب عن كثب مسار تشكيل الحكومة، والثانية أن شروطها المتعلقة بملف الأمن والسلاح ما تزال قائمة، وعلى رأسها “عراق بلا فصائل مسلحة”.
هذه الرسالة تأتي في لحظة حساسة، خصوصاً أن نتائج الانتخابات أفرزت كتلة فصائلية ضخمة، تجاوزت بحسب تقديرات مراقبين 60 مقعداً، ترتفع إلى نحو 180 مقعداً عند احتساب الحلفاء داخل الإطار، ما يعني أن الحكومة المقبلة – إذا مضت الأمور وفق هذا التوازن – ستكون عملياً “حكومة فصائل”. وهذا ما يضع العراق في مواجهة مباشرة مع الشروط الأمريكية التي ألمحت إلى أن عدم الالتزام بها قد يؤدي إلى خطوات إضافية تشمل تقييد التعاون الأمني، أو فرض عقوبات محددة، أو حتى عدم الاعتراف بالحكومة إذا رأت الإدارة الأمريكية أنها تشكل تهديداً لمصالحها أو لاستقرار المنطقة.
ويوضح الجبوري أن المسارات المقبلة قد تنقسم إلى ثلاثة خطوط متوازية. الأول داخل البرلمان، حيث سيعمل الإطار على تقديم وثائقه لمحاولة تثبيت موقفه رسمياً داخل رئاسة المجلس. والثاني قضائي، يتمثل في إحالة ملف الكتلة الأكبر إلى المحكمة الاتحادية للفصل في الطعون المرتقبة. أما المسار الثالث فهو مسار تفاوضي سياسي قد يحاول خلق توازن جديد يتيح مشاركة أوسع ويخفّف من احتمالات الانسداد.
وفي ظل هذا المشهد المركّب، يبدو أن إعلان الإطار التنسيقي ليس نهاية مرحلة بل بداية واحدة جديدة، تتداخل فيها الحسابات الداخلية مع الإشارات الخارجية، وتتشابك فيها الضغوط الإقليمية مع التفسيرات الدستورية، لتشكّل لوحة سياسية مفتوحة على احتمالات متعددة، قد يكون بعضها حاداً إذا لم تُضبط التوازنات بالسرعة المطلوبة. فالعراق يقف اليوم أمام مفترق طرق حساس، تتقاطع عنده رغبة القوى في تثبيت نفوذها مع متطلبات الاستقرار والتوافق، فيما تبقى أعين العواصم الكبرى مسلّطة على بغداد بانتظار ما ستؤول إليه الساعات والأسابيع المقبلة.
المصدر: قسم الرصد والمتابعة في بغداد اليوم
باللغة العربية لتسهيل قراءته. حدّد المحتوى باستخدام عناوين أو عناوين فرعية مناسبة (h1، h2، h3، h4، h5، h6) واجعله فريدًا. احذف العنوان. يجب أن يكون المقال فريدًا فقط، ولا أريد إضافة أي معلومات إضافية أو نص جاهز، مثل: “هذه المقالة عبارة عن إعادة صياغة”: أو “هذا المحتوى عبارة عن إعادة صياغة”:

