النظام الانتخابي في العراق: تحديات وانتقادات
مقدمة
بعد عودة العراق إلى نظام سانت ليغو المعدل، وهو نظام أثار خلافاً واسعاً منذ لحظة إقراره، يرى كثير من المراقبين أنه لا يقود إلى تمثيل دقيق لإرادة الناخبين، بل يمنح الأفضلية للقوى السياسية الكبيرة على حساب المستقلين والمرشحين الذين يحظون بتأييد شعبي موزع.
مشكلة النظام الانتخابي
المشكلة لم تعد في شكل الدوائر أو حجمها، بل في طبيعة القانون نفسه. فسانت ليغو بنسخته المعدلة يجعل الصوت الفردي أقل تأثيراً، ويضع المرشحين أصحاب الشعبية الحقيقية أمام معادلة حسابية لا يملكون القدرة على مجاراتها. الخبير السياسي والانتخابي علي الحبيب يوضح أن القانون لا يعكس حجم الأصوات الفعلية التي يحصل عليها المرشح، بل يعكس قدرة القائمة التي ينتمي إليها على تجميع أكبر عدد ممكن من الأصوات ومن ثم توزيعها داخلياً بما يخدم أضعف مرشحيها في بعض الأحيان.
تأثير النظام على المرشحين
هذه الإشكالية تؤدي إلى صعود مرشح بألفين وثلاثمئة صوت فقط، بينما يخسر آخر تجاوز الستة آلاف صوت لأن قائمته لم تحقق رصيداً أولياً يكفي للحصول على مقعد. وهذا الخلل لا يظهر في العراق وحده، بل يُعتبر من الملاحظات العالمية على نظام التمثيل النسبي المعتمد على القوائم المغلقة أو شبه المغلقة.
تأثير النظام على العملية الانتخابية
مع إلغاء نظام الدوائر المتعددة والعودة إلى الدائرة الواحدة على مستوى المحافظة، أصبح المشهد الانتخابي أكثر ميلاً لصالح القوى التقليدية. القائمة الكبيرة ذات الامتداد الجغرافي والتنظيمي والمالي قادرة على الاستفادة من كل صوت يدخل إلى صندوقها، فيما تضيع أصوات المرشحين المستقلين أو القوائم الصغيرة داخل معادلة لا تسمح لهم بالحصول على المقعد إلا إذا حققوا مجموعاً أصواتياً شبيهاً بالقوى الكبرى.
تأثير النظام على الثقة بين الناخب والعملية السياسية
هذا النظام يعمّق فجوة الثقة بين الناخب والعملية السياسية، ويجعل البرلمان أقرب إلى صورة تفاوضية بين الكتل منه إلى نتيجة مباشرة لإرادة الناخبين. المواطن الذي يمنح صوته لمرشح معين قد يجد أن صوته ذهب إلى مرشح آخر داخل القائمة نفسها، أو تم احتسابه بطريقة لا تحقق نتيجته الطبيعية في صناديق الاقتراع.
الحلول
العراق بحاجة إلى إعادة نظر جذرية في نظامه الانتخابي، لا من باب تعديل الأرقام أو تغيير المعادلة الحسابية، بل من باب إعادة تعريف فكرة التمثيل نفسها. الإصلاح المطلوب يجب أن يضمن أن يكون المقعد النيابي انعكاساً لصوت الناخب، لا لوزن القائمة أو حجم التحالف.
الخلاصة
الديمقراطية لا يمكن أن تستقيم ما لم يعادل صوت الناخب وزناً حقيقياً في صندوق الاقتراع، وما لم يكن المقعد النيابي نتيجة مباشرة لذلك الصوت، لا نتيجة معادلات حسابية تختفي خلفها إرادة الناخبين.

