اكتب مقالاً عن
لا تتعامل قوات الدعم السريع مع الفاشر عاصمة إقليم دارفور السوداني، على أنها مجرد مدينة مهمة، وإنما كورقة ضغط يمكن استخدامها في أي مفاوضات مقبلة مع الجيش، برأي محللين.
فقد حاصرت قوات الدعم السريع المدينة منذ مايو/أيار 2024 حتى تمكنت من السيطرة عليها الشهر الماضي، وقد جرى تداول عشرات المقاطع التي توثق جرائم الحرب والإعدامات الميدانية للسكان.
وأحدثت هذه السيطرة تحولا في موازين القوى على الأرض حيث اضطر الجيش للانسحاب من مناطق عديدة بعد شهور قليلة من سيطرته على العاصمة الخرطوم وحديث قائده عبد الفتاح البرهان عن قرب إلحاق الهزيمة بالمليشيا التي يقودها حليفه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي).
ووفق تقرير نشرته حلقة 2025/11/17 من برنامج “للقصة بقية”، تمتلك الفاشر أهمية إستراتيجية في هذا الصراع الذي يقول محللون إنه يعكس تدافعا دوليا وإقليميا على احتياطات المدينة من النفط واليورانيوم والذهب.
قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان (يمين) وزعيم الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) (وكالات)
ورقة إستراتيجية
كما تعني السيطرة على المدينة -التي كانت آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور- الإمساك بكل خطوط إمداد دارفور مما يعطي الدعم السريع ميزة إستراتيجية في أي مفاوضات مقبلة مع الجيش، برأي الباحث في الدراسات الأمنية والإستراتيجية إبراهيم ناصر.
والأهم من ذلك -برأي ناصر- أن قوات الدعم السريع حاولت من خلال السيطرة على هذه المدينة الإستراتيجية تأكيد تفوقها العسكري والميداني على الجيش، إضافة إلى سعيها لإحداث تغيير ديمغرافي في المدينة للقول إنها تمثل بعض عرقيات البلاد.
توصيف خاطئ
ويرى المحلل السياسي مأمون عثمان ورئيس تحرير صحيفة الوسط فتحي أبو عمار، أن وصول الصراع في السودان إلى هذه اللحظة المأساوية كانت نتيجة لتوصيف المجتمع الدولي الخاطئ له منذ البداية، لكنهما يختلفان في طبيعة هذا التوصيف.
فالحرب في السودان -كما يقول عثمان- ليست صراعا بين رجلين على السلطة وإنما هي حرب بين مليشيا وكيلة وجيش وطني، ومن ثم فإن نهاية هذه الأزمة تبدأ من اعتراف المجتمع الدولي بهذا التوصيف.
ولا يبدو هذا الأمر بعيدا بنظر عثمان بعد تغير المزاج الدولي جراء المجازر المروّعة التي وقعت في الفاشر، والتي يعتقد أنها ستدفع العديد من الدول لدعم موقف الجيش في مواجهة الدعم السريع.
لكن أبو عمار، يرفض حديث عثمان ويقول إن الحل يبدأ من الاعتراف بأن الجيش السوداني كان سببا في كل الحروب المتعاقبة التي شهدتها البلاد، ويرى أنه متورط هو الآخر في جرائم ضد المدنيين.
ويستند أبو عمار، في حديثه، إلى تقرير اللجنة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان والتي أقرت قيام الجيش بجرائم ضد المدنيين وعمليات إعدام غير قانونية في مناطق منها حلفايا ودندر وسنجة.
وهذه التقارير هي التي حدت بالجيش لرفض التقرير ومطالبة مجلس الأمن بتقليص فترة عمل اللجنة وعدم التمديد لها، حسب أبو عمار، الذي أكد أن السلام العادل هو المخرج من هذا الصراع وإلا فإن الحروب ستستمر حتى ينتهي الأمر بالسودان مقسما إلى دويلات صغيرة.
بيد أن عثمان وصف الحديث السابق بأنه “سردية تتبناها (قوات) الدعم السريع”، متهما أبو عمار بأنه “يعمل مستشارا لقائد المليشيا”، وهو ما رد عليه الأخير بأن “كلا الطرفين ارتكب جرائم موثقة بحق السودانيين”.
ويعتقد عثمان أن بإمكان الجيش حسم المعركة بعد تغير المزاج الدولي، قائلا إن المناطق التي سيطر عليها مؤخرا غرب كردفان ستكون فاتحة لتمديد سيطرته وصولا إلى استعادة الفاشر.
جرائم من الطرفين
وبعيدا عن هذا وذاك، ترى عضوة البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان منى رشماوي، أن هذا السجال السياسي لن يصل إلى نتيجة تخدم السودانيين، وتقول إن كلا الطرفين ينتهك القانون الدولي وحقوق الإنسان على الأرض.
من ثم، فإن على المجتمع الدولي بذل المزيد من الجهد لوقف هذه الحرب وصون الدماء وإيصال المساعدات والتحقيق في الجرائم التي وقعت والسماح لفرق المراقبة للمدن من أجل الوقوف على أوضاع السكان، كما تقول رشماوي.
وفي تطور جديد، طالب ممثلون للادعاء بإصدار عقوبة بالسجن المؤبد على زعيم الدعم السريع، وأوضحوا للمحكمة الجنائية الدولية، الاثنين، أنه ارتكب جرائم مثل القتل وإصدار أوامر لآخرين بارتكاب جرائم جماعية في دارفور، حسب ما نقلته وكالة رويترز.
تم النشر بتاريخ 18/11/202518/11/2025
|
آخر تحديث: 01:03 (توقيت مكة)آخر تحديث: 01:03 (توقيت مكة)
انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعي
share2
باللغة العربية لتسهيل قراءته. حدّد المحتوى باستخدام عناوين أو عناوين فرعية مناسبة (h1، h2، h3، h4، h5، h6) واجعله فريدًا. احذف العنوان. يجب أن يكون المقال فريدًا فقط، ولا أريد إضافة أي معلومات إضافية أو نص جاهز، مثل: “هذه المقالة عبارة عن إعادة صياغة”: أو “هذا المحتوى عبارة عن إعادة صياغة”:

