تعبير مقتدى الصدر عن موقفه تجاه الانتخابات والمرحلة المقبلة
تسببت تغريدات السيد مقتدى الصدر، بعد إغلاق صناديق الاقتراع، في موجة من القراءات المتباينة، حيث حملت لهجة تحذيرية واضحة حول إعادة العراق إلى ساحة الفساد، مع تأكيد على التحرك مستقبلاً إذا اقتضت الظروف. قام الصدر بعد ذلك بتقديم رسالة عتب إلى المرجعية، معبراً عن اعتقاده بأنها لم تتعامل مع المقاطعة كما ينبغي، مما زاد من زخم الرسالة السياسية التي أراد إيصالها.
ردود الأفعال والتحليلات
يرى الباحث في الشأن السياسي محمد التميمي أن خطاب الصدر الأخير يُظهر رغبته في عدم الدخول في صدام مباشر، لكنه يريد أن يُفهِم القوى السياسية أنه موجود في الحسابات مهما ابتعد عن صناديق الاقتراع. يُضيف التميمي أن الصدر أراد تثبيت حقيقة أن المقاطعة لا تعني الاستسلام، وأن التيار قادر على التأثير إذا رأى أن العملية السياسية تنحرف أو تُدار بطريقة لا تحقق طموح الإصلاح.
رسالة العتب للمرجعية
يشير التميمي إلى أن رسالة العتب التي وجهها الصدر للمرجعية جاءت كامتداد منطقي لتغريدته الأولى، لأنها تكشف أن اعتراضه ليس على النتائج وحدها، بل على البيئة الكاملة التي أحاطت بالانتخابات، وعلى الصمت الأخلاقي الذي شعر أنه خذل مشروع الإصلاح.
التوقيت والرسائل السياسية
يرى مراقبون أن التوقيت لم يكن صدفة؛ فالصدر اختار اللحظة الفاصلة بين انتهاء التصويت وبدء مفاوضات تشكيل الكتلة الأكبر ليرسل رسالة إلى القوى الفائزة مفادها أن "الحكومة المقبلة لن تستطيع تجاهل التيار الصدري، مهما كانت التحالفات البرلمانية". يُضيف مراقب أن الصدر "يحاول تثبيت موقع تفاوضي غير مباشر؛ فهو لا يشارك، لكنه يراقب، ولا يصوت، لكنه يحتفظ بحق الاعتراض".
العلاقة مع رئيس الوزراء الحالي
يشير خبراء سياسيين إلى أن موقف رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني ومستشاريه خلال الأشهر الأخيرة يضيف بعداً جديداً إلى قراءة تغريدة الصدر. فقد تحدث أكثر من مسؤول مقرب من السوداني عن "استعداد لضم التيار الصدري في أي تسوية سياسية مقبلة، حتى لو قاطع الانتخابات".
مستقبل التيار الصدري
يرى محللون أن بقاء هذا الخيار مفتوحاً يجعل تغريدة الصدر تحمل بعداً تفاوضياً، وكأن الرسالة تقول: نحن خارج البرلمان… لكننا لسنا خارج الحكومة إن كانت هناك تسوية وطنية حقيقية. يُشير الخبراء إلى أن الصدر يحاول صناعة معادلة مزدوجة: فهو يعترف بإجراءات الانتخابات لكنه يشكك في تمثيلها، ويحمّل القوى المتصدية مسؤولية أي انحراف، وفي الوقت نفسه يترك الباب مفتوحاً للمشاركة في "حكومة جديدة بشرعية إصلاحية"، إذا جاءت النتائج والتفاهمات متوافقة مع رؤيته.
الخلاصة
تبدو تغريدة الصدر ورسالة العتب اللاحقة جزءاً من إعادة تموضع محسوبة، لا انسحاب كامل ولا عودة مباشرة. هي محاولة لتثبيت وزنه قبل أن تتضح ملامح الكتلة الأكبر، وإشارة إلى أن الحكومة المقبلة – أياً كانت تركيبتها – لن تستقر دون مراعاة موقع التيار الصدري. مع إشارات السوداني ومستشاريه حول إمكانية إدماج التيار في تسوية سياسية واسعة، يبدو أن المشهد مرشح لتفاهمات غير تقليدية، قد تفتح الباب أمام عودة محسوبة للتيار، من خارج البرلمان… إلى داخل الحكومة.

