الانتخابات العراقية: كرنفال لحرق الأموال والتجييش الطائفي
المقدمة
عاش العراق خلال الأسابيع الماضية واحداً من أكثر المشاهد عبثية في تاريخه السياسي الحديث، حيث تحولت الحملات الانتخابية إلى سباق محموم في البذخ المالي والخطاب الطائفي، وسط غياب شبه كامل للرقابة القانونية والضوابط الأخلاقية.
العبثية الانتخابية
الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي وصف ما يجري بأنه "كرنفال لحرق الأموال والتجييش الطائفي"، معتبراً أن هذه الانتخابات لا تشبه أي سباق ديمقراطي، بل تبدو أقرب إلى استعراض للقوة المالية والنفوذ الاجتماعي في ظل انعدام المحاسبة وضعف مؤسسات الدولة. ويحذر الهاشمي من أن "هذا النمط من الإنفاق المنفلت والخطاب المتشنج سيترك أثراً خطيراً على مستقبل الاقتصاد والوعي السياسي في العراق".
الإنفاق الانتخابي
يقول الهاشمي إن "المرشحين لم يتنافسوا على تقديم البرامج الواقعية، بل على حجم ما ينفقونه من أموال، وعلى قدرتهم على استمالة الشارع بخطاب طائفي وشعبوي"، موضحاً أن "الإنفاق السياسي تجاوز كل السقوف القانونية". ويضيف أن "المفوضية العليا للانتخابات لم تستطع ضبط التمويل أو تحديد مصادره، بينما اختفت الأجهزة الرقابية خلف بيانات شكلية لا تمت للواقع بصلة".
التأثير على الاقتصاد
يرى الهاشمي أن "الإنفاق الانتخابي المفرط لا يقتصر أثره على السياسة فحسب، بل يترك ندوباً مباشرة على الاقتصاد العراقي". فالمليارات التي تُنفق على الحملات الدعائية تُستنزف من موارد كان يمكن توجيهها نحو التعليم والصحة والبنى التحتية. كما أن الأموال غير المعلنة التي تدخل السوق بشكل مفاجئ تُحدث تشوهات نقدية مؤقتة، ترفع الأسعار وتزيد التضخم.
مستقبل العراق
يخلص الهاشمي إلى أن "الانتخابات الحالية ليست اختباراً للديمقراطية فحسب، بل امتحان لوعي المواطن"، داعياً الناخبين إلى أن "يُنقّوا أصواتهم من تأثير المال وضوضاء الطائفية، وأن يمنحوا أصواتهم لمن يملك الكفاءة والنزاهة". ويؤكد أن العراق اليوم أمام مفترق طريقين: إما أن يستمر في إنتاج طبقة سياسية تموّل وجودها بالمال الفاسد، أو يبدأ بوعيٍ جديد يعيد الاعتبار لفكرة الدولة.

