الانتخابات في بغداد: سلوك ناخبي العاصمة بين الانتماء والانعزال
سلوك الناخب البغدادي المثقف
ينقسم سلوك الناخب البغدادي المثقف بين الانتماء القوي للهوية البغدادية والانعزال عن العملية الانتخابية. يرى الباحث الأكاديمي باسل حسين أن الناخب البغدادي المثقف يميل إلى عدم التصويت لمرشحين من خارج العاصمة، ويتعامل معهم بشيء من التعالي الضمني. هذا السلوك نابع من شعور رمزي بأن الانتماء إلى بغداد يمنح أصحابها مكانة أعلى من أبناء المحافظات الأخرى.
الاغتراب السياسي والخمول الانتخابي
يشير حسين إلى أن الناخب البغدادي المثقف يتسم غالباً بالخمول السياسي والسلوك الانتظاري، فلا يبادر بالمشاركة الفاعلة إلا نادراً. هذه الفئة تراقب المشهد أكثر مما تشارك فيه، وتتعامل مع العملية الانتخابية كحدث عابر لا كفرصة لتغيير فعلي. هذا النمط السلوكي يعكس حالة من الاغتراب السياسي داخل المدن الكبرى التي تتنازعها الهويات والانتماءات المتعددة.
الانقسام بين المركز والاطراف
يتخذ المشهد في أطراف بغداد طابعاً مختلفاً. لأبناء المناطق الريفية وشبه الحضرية مرشحوهم الذين ينتمون إلى عشائرهم وبيئاتهم الاجتماعية. هذا الانقسام داخل العاصمة بين مركز مدني متردد وأطراف عشائرية متماسكة يخلق حالة من التفاوت في نسب المشاركة، ويمنح الكتل ذات الامتداد الاجتماعي فرصة أكبر للتمثيل البرلماني.
تعالي الهوية الانتخابية
يصف مراقبون هذا المشهد بأنه تجسيد لما يُعرف بـ"تعالي الهوية الانتخابية". حيث تتحول العاصمة من ساحة لتمثيل التنوع إلى منصة لإعادة إنتاج المركزية الرمزية. الناخب البغدادي لا يصوّت لمن يمثله فحسب، بل لمن يؤكد موقعه في الهرم الاجتماعي.
أزمة الثقة بالمؤسسات
يرى باحثون في علم الاجتماع السياسي أن هذا السلوك يعكس أزمة الثقة بالمؤسسات، إذ تراجع الإيمان بإمكانية التغيير عبر التصويت. ما جعل الناخب المثقف يميل إلى الانسحاب أو الامتناع، تاركاً المجال للولاءات المحلية لتحدد الخريطة النهائية للصناديق.
مستقبل بغداد العاصمة
يستنتج خبراء الانتخابات أن المشهد البغدادي بات مرآة لتناقض العراق المعاصر: مجتمع مدني مثقف لا يصوّت، وأطراف ريفية تتحرك بقوة. وفي ظل هذا التباين، قد تبقى بغداد العاصمة التي تُنتج الخطاب ولا تُترجمه، وتملك الوعي لكنها لا تمارس الفعل.

