رؤيا مقتدى الصدر: تأكيد شرعيّة القيادة وتجديد العهد مع خطّ السيد الوالد
ردود الفعل على المنصات الصدرية
بعد نشر التغريدة التي قال فيها الصدر: "…والأعجب من ذلك، ما رأيته بالمنام حيث كنت أؤم جماعة من مقلديّ، وكان من خلفي الشهيد مؤمل الصدر قدس سره…". تدفقت ردود فعل مناصريه على المنصات الصدرية، معتبرين أن ما رآه زعيم التيار الوطني الشيعي مقتدى الصدر يحمل "تأكيداً على شرعية قيادته داخل الخط الرسالي"، وأن وجود مؤمل الصدر خلفه يعني انتقال "إمامة الصلاة" من الشهادة إلى الحاضر، ومن الدم إلى الموقف.
تفسيرات المنام
صفحات قريبة من التيار فسرت المنام بأنه "رسالة إلهامية لتجديد العهد مع خطّ السيد الوالد"، فيما رأى آخرون أنها "بيعة رمزية" من رموز البيت الصدري في العالم الغيبي للزعيم الحالي. تداول الأتباع تعليقات تقول إن الرؤيا تمثل "إشارة رضا من آل الصدر عن نهج الإصلاح والابتعاد عن الفاسدين"، في إشارة إلى قرار مقاطعة الانتخابات الذي شكّل محوراً للتوتر مع أحزاب شيعية أخرى.
دلالات رمزية وروحية
الباحث والأكاديمي مصطفى الطائي قال إن "رؤيا السيد مقتدى الصدر بوجود الشهيد مؤمل الصدر وهو يصلي خلفه، تحمل دلالات رمزية وروحية عميقة جداً، فالصلاة هنا ليست مجرد فعل تعبدي وواجب ديني، بل إشارة إلى تأييد معنوي من رموز آل الصدر لمسار السيد مقتدى الراهن، خاصة في هذه الظروف الصعبة وقبيل الانتخابات". وأضاف أن "هذه الرؤيا جاءت متزامنة مع قرار السيد مقتدى الصدر الحاسم بمقاطعة الانتخابات ورفضه الانخراط مع الفاسدين، وهو موقف جوبه بمعارضة من قبل أوساط سياسية شيعية، إلا أن ظهور الشهيد مؤمل الصدر في المنام يمثل دعماً معنوياً لمسار الصدر، وتأكيداً على أنه يسير على نهج والده الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره)".
استمرار الخط الرسالي
بيّن الطائي أن "رمزية مؤمل وهو يصلي خلف مقتدى تعني استمرار الخط الرسالي الممتد من المرجعية الصدرية الأولى وصولاً إلى التيار الوطني الحالي، بما يعكس وحدة الهدف وثبات الموقف رغم تغيّر الأزمنة والظروف". وختم بالقول إن "السيد مقتدى الصدر ماضٍ على نهج والده ويحظى برضا المرجعية الصدرية في مواجهة الانحراف والفساد، مكملاً طريق الإصلاح الذي خُطّ بالدم والشهادة".
بعد تنظيمي
يرى محللون أن نشر مقتدى الصدر للرؤيا في هذا التوقيت الحساس ليس صدفة، بل يحمل بُعداً تنظيمياً يهدف إلى إعادة شحن القاعدة الصدرية في لحظة فراغ سياسي، خصوصاً مع غيابه عن المنافسة الانتخابية. فالصدر، الذي لطالما استخدم الخطاب الرمزي الديني لتوحيد أتباعه، يوظف هذه المرة لغة الحلم لتأكيد استمراريته كقائد شرعي في الوجدان الجمعي للتيار.
الإمضاء الروحي على قرارات الصدر
ويقول أحد المراقبين إن "الرؤيا تمثل نوعاً من الإمضاء الروحي على قرارات الصدر السياسية، وتهدف إلى تحصين أنصاره من الانشقاق أو الشكّ في صواب المقاطعة". ويضيف أن "اللغة الغيبية لدى الصدر ليست جديدة، لكنها اليوم تُستخدم لإعادة تثبيت الزعامة ضمن مفهوم الرسالة، وليس السلطة".
الخلاصة
قد لا تكون الرؤيا سوى حدث روحي شخصي، لكنها تحولت، بحسب المعطيات، داخل التيار الصدري إلى نصّ تعبوي يعيد ترسيم العلاقة بين الزعيم والرمز. فمؤمل الصدر، الذي استشهد في بدايات المسار الرسالي، يعود في المنام ليؤدي الصلاة خلف من حمل راية والده، في مشهدٍ تتقاطع فيه الرمزية بالعقيدة والسياسة بالإيحاء.

