حقول النفط الحدودية بين العراق وإيران: منافسة صامتة تعكس تباينًا عميقًا في الإدارة
مقدمة
يشهد قطاع الطاقة في المنطقة الغنية بالموارد الهيدروكربونية تحولات كبيرة، حيث تتحول حقول النفط الحدودية بين العراق وإيران إلى ساحات للمنافسة بين البلدين. في هذا السياق، يبرز تباين عميق في إدارة الموارد المشتركة، حيث تسارع الاستثمارات العراقية في تطوير الحقول، بينما تعثر الاستثمارات الإيرانية بسبب العقوبات وضعف الأطر القانونية والتنظيمية.
الفجوة في الإنتاج
يشير الباحث الاقتصادي الدكتور أومود شوكري إلى أن إنتاج حقول النفط المشتركة بين البلدين يعكس فجوة متسعة في السياسات الاستثمارية والإدارية. بلغ إنتاج العراق من الحقول المشتركة حوالي 4.5 ملايين برميل يوميًا، بفضل الاستثمارات المستمرة والتعاون مع شركات عالمية في مجالات الحفر والاستخراج. في المقابل، تواجه إيران تراجعًا متزايدًا في قدراتها التشغيلية نتيجة العقوبات ونقص التمويل.
الأثر الاقتصادي للعقوبات على إيران
أدت العقوبات الأمريكية والقيود المفروقة على قطاع الطاقة الإيراني إلى حدوث خسائر اقتصادية متنامية. انخفضت ميزانيات الاستكشاف والإنتاج من 18 مليار دولار في التسعينيات إلى نحو 3 مليارات فقط سنويًا منذ عام 2017. كما حدّت العقوبات من قدرة إيران على جذب الاستثمارات الأجنبية.
استثمارات العراق وعودة الشركات الغربية
تستفيد بغداد من انفتاحها على الشركاء الدوليين، ما جعلها وجهة مفضلة لرؤوس الأموال الأجنبية وشركات النفط الكبرى. عادت شركة "إكسون موبيل" الأمريكية إلى جنوب العراق في أكتوبر 2025، بعد انسحابها في العام السابق، لتطوير حقل مجنون الواقع على الحدود مع إيران. تُقدّر احتياطيات هذا الحقل القابلة للاستخراج بنحو 38 مليار برميل.
إعادة تشكيل ميزان القوى في أسواق الطاقة
يرى الباحث أن هذه التطورات يعزز الفجوة بين العراق وإيران، حيث تستعيد الشركات الغربية حضورها في العراق لتعزيز الإنتاج وتحديث البنية التحتية. في المقابل، تواجه إيران أعاقات في تنفيذ مشاريع تطوير مماثلة بسبب الفراغ القانوني وتشتت مراكز القرار داخل مؤسساتها النفطية. يعكس هذا التناقض بين الطفرة العراقية والتباطؤ الإيراني إعادة تشكيل ميزان القوى في أسواق الطاقة الإقليمية.

