الجمهور الانتخابي في العراق: تحديات وفرص
مقدمة
منذ أول انتخابات بعد عام 2003، ظل الجمهور العراقي هو العامل الأكثر حضورا في الصورة والأقل تأثيرًا في القرار. فالملايين الذين يظهرون في ساحات الدعاية والتجمعات لا يعكسون بالضرورة نسبة المشاركة الفعلية في صناديق الاقتراع.
الجمهور اللا جمهور
الجمهور الذي يظهر في الساحات الشيعية مع كل مرشح شيعي، وكذلك السني مع كل مرشح سني، لا يعكس حجم القاعدة الحقيقية، بل تُدار من خلال شبكات حزبية محلية تُجنّد المشاركين مقابل حوافز مالية أو خدماتية.
تحديات العملية الانتخابية
الأحزاب الكبرى تنفق مليارات الدنانير على الدعاية الانتخابية في وقتٍ تعاني فيه المحافظات من بطالة مرتفعة وخدمات متدهورة. هذا التناقض يشير إلى أن العملية الانتخابية أصبحت امتدادًا لمنظومة الريع والزبائنية، لا آليةً حقيقية للتغيير والمحاسبة.
تأثير الحشود المصطنعة
استمرار الحشود المصطنعة جعل النظام السياسي يعيش في فقاعة جماهيرية تعزله عن المزاج الشعبي الواقعي. المجتمع العراقي، الذي يُفترض أن يكون طرفًا فاعلًا في تصحيح المسار، تحوّل تدريجيًا إلى متفرج يتعامل مع الانتخابات كمناسبة موسمية لا كحق مدني دائم.
مستقبل الشرعية الديمقراطية
إذا استمر هذا المسار، سيقود إلى إضعاف شرعية النظام الديمقراطي نفسه، لأن الشرعية التي لا تستند إلى جمهور حقيقي تتحول بمرور الوقت إلى شرعية شكلية تكرّس استمرار النخبة ذاتها في الحكم دون مساءلة أو تداول فعلي للسلطة.
حلول ومعالجات
معالجة ظاهرة "الجمهور اللا جمهور" تتطلب إصلاح البيئة السياسية، ووقف استخدام المال والنفوذ في صناعة الولاءات، مع تفعيل التعليم المدني والإعلام المسؤول لتعزيز وعي الناخب. فالديمقراطية لا تُقاس بعدد اللافتات ولا بحجم الحشود، بل بقدرة المواطن على الاختيار الحر والمحاسبة الواعية.

