قواتنا الجوية الباسلة احتفلت بعيدها فى مناسبة مرور 52 عاما على واحدة من أشرس المعارك الجوية مع طيران العدو الصهيونى يوم 14 أكتوبر فى اليوم التاسع من معارك وانتصارات حرب السادس من أكتوبر المجيدة عام 73، معركة المنصورة اعتبرها الخبراء العسكريين أطول المعارك الجوية فى تاريخ الحروب وحقق فيها طيارينا الشجعان نصرا كاسحا وألحقوا بالذراع الطولى للعدو هزيمة ساحقة لن ينساها.
عقب نكسة 67 ومع إعادة بناء القوات المسلحة عين الرئيس جمال عبد الناصر اللواء طيار مصطفى الحناوى قائدا للقوات الجوية للمساهمة فى إعادة بناء وتطوير سلاح الطيران المصرى بعد هزيمة يونيو، وعين العقيد حسنى مبارك مديرا للكلية الجوية واستمر فيه حتى نوفمبر من العام ذاته ولعبت الكلية الجوية فى تلك الفترة دورا كبيرا فى تقديم الكثير من الخريجين الأكفاء من الطيارين، وبسبب ذلك رقى الرئيس عبد الناصر العقيد حسنى مبارك إلى رتبة العميد فى أواخر يونيو عام 69 وبعدها مباشرا شغل منصب رئيس أركان حرب القوات الجوية، حتى وفاة عبد الناصر قبل تعيينه من قبل الرئيس السادات قائداً للقوات الجوية فى أبريل 1972.
رغم فارق التجهيزات والتفوق العددى والطائرات الحديثة التى كان يمتلكها العدو إلا أن كفاءة وشجاعة وحسن إعداد الطيارين المصريين من بعد حرب يونيو وحتى أكتوبر 73 كانت عاملا فارقا فى تحقيق النصر وقطع ذراع إسرائيل الطولى.
فى يوم 14 أكتوبر 1973 دارت أطول وأشرس المعارك الجوية فى التاريخ العسكرى فوق سماء المنصورة بين الطائرات المصرية والإسرائيلية واستمرت حوالى 53 دقيقة تمكن خلالها طيارونا الأبطال الذين أظهروا قدرة ومهارة منقطعة النظير من تلقين الطيارين الإسرائيليين درسا قاسيا فى القتال الجوى رغم تفوقهم العددى والنوعى ففروا هاربين مذعورين بعد الخسائر الكبيرة التى لحقت بهم .
فى مثل هذا اليوم حاولت إسرائيل تكرار الخامس من يونيو بتوجيه ضربة جوية لضرب مطارات دلتا النيل فى طنطا والمنصورة والصالحية فتوجهت 120 طائرة مقاتلة إسرائيلية فى وقت واحد، كانت المفاجأة عندما تصدت لها 62 طائرة مقاتلة مصرية فقط من طراز ميج 21 فى حين كانت الطائرات الإسرائيلية من طراز الفانتوم والسكاى هوك والميراج الأحدث فى العالم فى ذلك الوقت .
كان واضحا أن المعركة غير متكافئة وعدد الطائرات الإسرائيلية يشير إلى التفوق الكاسح من حيث العدد لسلاح الجو الإسرائيلى، دارت المعركة فوق المنصورة وسط بطولات أسطورية من طيارينا الأبطال الذين لقنوا العدو درسا لن ينساه وانتهت المعركة بهزيمته وفرار طياريه بعد سقوط 18 طائرة لهم ووقوع العديد منهم بين أسرى وقتلى.
ما حدث فى المعركة من بطولات ومعجزات عسكرية دفع خبراء العسكرية حول العالم إلى الاعتراف ببسالة ومهارة ومقدرة الطيارين المصريين وأبدوا اندهاشهم وانبهارهم مما فعله المصريون فى أطول وأشرس معركة جوية فى التاريخ، فى تلك المعركة الأسطورية حقق الطيارون المصريون أرقاما قياسية لم تسجل من قبل حيث كانوا يهبطون بمقاتلاتهم ويتزودون بالوقود والذخيرة ثم يعودون للإقلاع فى فترة لا تتجاوز 6 دقائق فقط فيما يشبه المعجزة، فالوقت الطبيعى للهبوط وإعادة التزود بالوقود والذخيرة ثم الإقلاع مرة أخرى يستغرق 10 دقائق، فى المقابل استعانت إسرائيل بأفضل الخبراء العالميين فى مجال الطيران العسكرى خاصة الأمريكان للوصول بفترة التزود بالوقود ثم الإقلاع إلى 8 دقائق.
العبقرية المصرية تجلت فى تلك المعركة التى انتظروها طويلا لإظهار مهاراتهم وقدراتهم، فقد نجح نسور الجو فى إنجاز عملية الإقلاع فيما لا يزيد عن دقيقة ونصف أثناء المعركة الجوية، لدرجة أن الإسرائيليين اعتقدوا بوجود أعداد هائلة من المقاتلات المصرية تصل إلى 150 مقاتلة بعكس ما أبلغتهم به قياداتهم من وجود 40 مقاتلة فقط بالمطار وليدل ذلك على براعة الطيران المصرى.
معركة المنصورة يوم 14 أكتوبر 73 كانت انتصارا مبهرا ومهولا فى ذلك اليوم لتأكيد النصر المبين، الذى بدأ راياته فى ظهيرة يوم السادس من أكتوبر، وهذه المعركة بتفاصيلها تدرس فى أكبر معاهد العلوم العسكرية حول العالم.
ولذلك كان من الطبيعى أن تحتفل مصر فى هذا اليوم فى مناسبة هذه المعركة الجوية البطولية بعيد القوات الجوية المصرية.
معركة المنصورة تستحق الاهتمام بها ودراسة إمكانية إعداد مسلسل تليفزيونى أو إنتاج فيلم سينمائى ضخم يليق بأعظم المعارك الجوية البطولية لقواتنا الجوية الباسلة.

