أزمة المياه في البصرة: между الاحتجاجات الشعبية والتحذيرات من تفاقم الوضع
خلفية الأزمة
تتصاعد في محافظة البصرة منذ ثلاثة أيام موجة غضب شعبي احتجاجاً على تفاقم أزمة المياه المالحة. الأزمة التي امتدت إلى الأحياء السكنية في التميمية والحيانية والعشار، دفعت مئات المواطنين إلى الشوارع، وسط تحذيرات من أن تجاهل هذه الأصوات قد يفتح الباب أمام احتجاجات أوسع تتخطى حدود الجنوب.
تفاقم الوضع
تُظهر البيانات الرسمية أن ملوحة المياه في بعض مناطق البصرة بلغت مستويات غير مسبوقة، إذ تجاوزت 6,300 جزء في المليون في مناطق مثل كرمة علي، ووصلت في أقضية دير والفاو إلى أكثر من 10,000 إلى 17,000 جزء في المليون، وهي نسب تجعل المياه غير صالحة للاستخدام البشري أو الزراعي.
محطات التحلية وتدخل المنظمات الإنسانية
محطات التحلية التي تديرها منظمات الإغاثة الدولية، بما فيها الهلال الأحمر، تعمل بأقصى طاقتها لتزويد آلاف العائلات بمياه عذبة جزئية، في حين ما تزال البنية التحتية الحكومية عاجزة عن مواجهة الكارثة.
ردود الأفعال والمطالب
مركز العراق لحقوق الإنسان، دعا إلى اعتماد خطة ثلاثstyl النقاط لمعالجة الأزمة، مؤكداً أن الوضع تجاوز حدود التحمل، وأن البصرة تواجه أزمة وجودية لا معيشية فحسب. رئيس المركز علي العبادي أشار إلى أن “المركز يتابع عن كثب الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها محافظة البصرة خلال الأيام الثلاثة الماضية، والتي أخذت منحى تصاعدياً بسبب تفاقم أزمة ملوحة المياه”.
أسباب الأزمة
واتسع المد الملحي القادم من الخليج العربي عبر شط العرب نتيجة انخفاض تدفقات المياه من دجلة والفرات بسبب السدود التركية والإيرانية، ما تسبب بتراجع مستويات المياه العذبة ودخول مياه البحر إلى أعماق المحافظة. هذه الظاهرة، بحسب خبراء بيئة، ليست طارئة بل هي نتاج سنوات من الإهمال وضعف التخطيط المائي، وتفاقم التغير المناخي الذي جعل الجنوب العراقي أكثر هشاشة أمام التصحر والجفاف.
مطالب العبادي
العبادي أضاف: “على مجلس الوزراء عقد جلسة طارئة في البصرة للتفاعل مع المطالب المشروعة للأهالي، وبمشاركة منظمات المجتمع المدني والنشطاء والإعلاميين لنقل صوت المواطن ومعاناته بشكل مباشر”, مشدداً على “ضرورة اتخاذ معالجات عاجلة لتوفير المياه الصالحة للشرب، واحترام حق التظاهر السلمي وعدم استخدام القوة في التعامل مع المحتجين”.
تقرير هيومن رايتس ووتش
تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش أشار في وقت سابق إلى أن سوء إدارة المياه في العراق وعدم محاسبة المقصرين هو السبب الرئيس وراء تفاقم الأزمات المتكررة في البصرة. وفي المقابل، ما تزال الحكومة تكتفي بالحلول الترقيعية، بينما تتصاعد نسب التلوث وتزداد الأمراض المرتبطة بشرب المياه الملوثة، خاصة بين الأطفال وكبار السن.
تحذيرات من تفاقم الاحتجاجات
رئيس مركز العراق لحقوق الإنسان أكد أن “تجاهل هذه الاحتجاجات السلمية قد يؤدي إلى توسعها وانتقالها إلى محافظات أخرى”, داعياً إلى “اعتماد خارطة طريق واضحة تستجيب للمطالب المشروعة، خصوصاً ما يتعلق بتأمين المياه الصالحة للشرب لأهالي البصرة”.
تطورات الاحتجاجات
وشهدت مناطق متعددة من البصرة خلال الأيام الماضية احتجاجات متفرقة تخللها قطع للطرق وحرق للإطارات في مناطق العشار والتميمية والحيانية، وسط حضور أمني مكثف. ويخشى مراقبون من انتقال هذه الاحتجاجات إلى محافظات مجاورة مثل ميسان وذي قار، خصوصاً مع تفاقم تراجع الموارد المائية في حوضي دجلة والفرات.
استذكار احتجاجات 2018
تجارب السنوات الماضية، ولا سيما احتجاجات صيف 2018، أظهرت أن غضب البصريين يمكن أن يتحول بسرعة إلى موجة وطنية تتجاوز البعد الخدمي إلى السياسي، حين يُترجم الإهمال المائي إلى أزمة ثقة مع الدولة.

