نهج العمل الشديد في وادي السيليكون
وسط تنافس محموم على الريادة في سباق الذكاء الاصطناعي، بدأت ثقافة العمل المعروفة بـ"996" تتجذر بهدوء، في قلب وادي السيليكون في كاليفورنيا، لتتحول إلى معيار غير معلن للجدية والطموح. ويشير مصطلح "996" إلى دوام العمل الذي يمتد من التاسعة صباحاً حتى التاسعة مساءً، لستة أيام في الأسبوع، أي ما يعادل 72 ساعة عمل أسبوعياً.
قاعدة جديدة في وادي السيليكون
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، فإنه بعد بضع سنوات مضطربة من تسريح العمال، وارتفاع أسعار الفائدة، وتذبذب العائدات في ظل التقلبات الكبيرة، قامت صناعة التكنولوجيا التي كانت معروفة في السابق بمزاياها المريحة بتشديد الإجراءات، إذ لم يعد نهج إيلون ماسك، المعروف بـ "النهج الصارم للغاية"، بعيداً عن بقية الصناعة، وبالتالي أصبح العمل لساعات طويلة جزءاً من القاعدة الجديدة في وادي السيليكون.
نهج قديم في صناعة التكنولوجيا
وتقول مارغريت أومارا، المؤرخة في جامعة واشنطن ومؤلفة كتاب "الرمز: وادي السيليكون وإعادة تشكيل أميركا"، إن مصطلح "996" جديد نسبياً في وادي السيليكون، ولكنه في الوقت نفسه يُجسّد نسخة قوية من شيء كان موجوداً في صناعة التكنولوجيا منذ فترة، مشيرة إلى أنه في ستينيات القرن الماضي، عندما كانت شركات أشباه الموصلات في منافسة شرسة، اتبعت العديد من المؤسسات التكنولوجية ثقافات عمل مكثفة وساعات عمل طويلة.
قيمة لكل ساعة
ويقول خبير الإدارة المالية حسان حاطوم، إنه من منظور اقتصادي يمثل امتداد ظاهرة "996" إلى وادي السيليكون، انعكاساً لضغوط السوق والتنافس العالمي، فبيئة الاستثمار في التكنولوجيا تشهد اليوم تدفقات رأس مال هائلة نحو الذكاء الاصطناعي، ما يرفع من قيمة "الوقت" بالنسبة للشركات، حيث أن كل ساعة إضافية للموظف يمكن أن تتحول إلى قيمة نقدية مباشرة أو ميزة تنافسية في سباق الابتكار.
بيئة داعمة
ويشدد حاطوم على أنه حين تُضاعف الشركات والعمالة الموهوبة جهودها، ضمن إيقاع عمل مكثف، تصبح دورة تطوير المنتجات أسرع بكثير، ما يسمح بتحويل الأفكار الأولية إلى منتجات وخدمات جاهزة للسوق في فترة زمنية قياسية، وهذا التسارع يمنح الشركات ميزة تنافسية مهمة، خصوصاً في مجالات حساسة كالذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والتقنيات المالية.
نهج فرضه الـ منظمة العفو الدولية
من جهته يقول خبير التوظيف إيلي مطر، إن نهج "996" في وادي السيليكون ليس جديداً بالكامل، لكنه يتجدد بسبب الضغوط التنافسية الهائلة، التي فرضها الذكاء الاصطناعي، فالشركات تُرغم نفسها عملياً على متابعة هذا النهج لضمان الإنتاجية القصوى، بينما يسعى الموظفون لاستغلال الفرص المادية المتوفرة.
الإجهاد يقتل الإبداع
ويعتبر مطر أن اعتماد الشركات على نهج "996" يعكس قصر نظر أحياناً، فزيادة الإنتاجية على حساب الصحة النفسية، قد يكون مضراً بالابتكار الذي يعتمد على القدرة الذهنية والطاقة الإبداعية، فالشركات الناجحة تاريخياً، لم تعتمد على طول ساعات العمل، بقدر اعتمادها على جودة العمل والتحفيز الذهني.

