كثير من الناس يؤجلون أشياء كثيرة لتحقيقها في يوم ما، فالأحلام تتأجل ليوم ما، وتنفيذ مهام العمل يُؤجل ليوم ما، والسفر لمشاهدة العالم يُؤجل ليوم ما، وأشياء كثيرة تظل مُعلقة ليوم ما.
والسؤال الآن، لماذا لا يكون اليوم هو هذا اليوم ما؟، فللأسف هذه العبارة تتردد هروبًا من مُواجهة التقاعس الذي يعترينا عندما نُقْدم على عمل ما، فهنا نتهرب من فكرة الاستمرار في التنفيذ، بأن نُمني أنفسنا بأننا سنكمل ما بدأناه، أو ما نحلم به في يوم ما. وننسى أن التأجيل هو بداية فرط الأحلام والأمور من أيدينا، لأنها تخرج من حيز الخطوات الجدية، وتدخل في عالم الإرجاء أي تُصبح على الهامش، لأنها تخرج من دائرة الأمور محط التنفيذ والمُتابعة، وهذا في حد ذاته تنازل صريح عن هذه الأحلام، لذا لا تُصدق من يقول لك سأصبح مشهورًا في يوم ما، أو سأحصل على درجة الدكتوراه في يوم ما، أو سأفعل كذا وكذا، وكذا في يوم ما، فهو فقط يُمني نفسه ويختلق لنفسه مساحة للتأجيل، لأنه يُدرك تمام الإدراك أنه لا يملك الإرادة الحقيقة والفعالة للسير في تنفيذ أحلامه، فينظر إلى الحياة على أنها مُجرد أيام. ويظن أنه سيأتي اليوم الذي سيُحقق فيه حُلمه، وينسى أو ربما يتناسى أن فرط الأيام غلب فرط حبات الرمان، فالأيام تمر دون أن نشعر بها، وعندما نُرجئ شيئًا ما اتكالاً عليها تدفعننا إلى تركه دون أن نشعر، وكأنها تُؤكد لنا أن هذا اليوم، هو ذاته اليوم الذي بدأ فيه الحُلم يُداعب خيالنا، وليس من العقل أن نُرجئه، لأن كل يوم له حُلمه وظروفه ومفرداته، فكيف نتحايل على الأيام، انتظارًا لليوم الذي سيأتي ويسألنا ماذا تُريد أن تُحقق؟ ما هو حُلمك حتى أساعدك في تنفيذه؟ فنحن من نحرك الأيام بإرادتنا، ولو تعارضت معنا الظروف نظل نسعى، ونحن واضعين حُلمنا نُصب أعيننا.
فلا تقول في يوم ما، بل تعامل مع يومك وكأنه كل أيامك التي لابد أن تعيشها وتتعايشها ربما لن تُحقق كل ما تُريده في هذا اليوم، ولكن الأكيد أن بداية التنفيذ والرغبة في الاستمرار في التنفيذ ستجلب هذا اليوم رغمًا عنه، ولكن الإرجاء الكامل، والتواكل التام، والانتظار غير المُحدد والعيش بدون هدف، سيجعلون الأحلام تفرط، والأيام تمر، وفي هذا الحالة لن يأت هذا اليوم.

