العلاقة الأكاديمية بين العراق وإيران: فرص وتناقضات
منذ سنوات، تحولت الجامعات الإيرانية إلى واحدة من أبرز الوجهات التعليمية للطلبة العراقيين، حتى باتت ظاهرة تستحق التوقف عندها: ما الذي يدفع عشرات الآلاف من العراقيين إلى الدراسة في إيران؟ وما الذي يجعل هذا الملف محاطًا بقدرٍ من الجدل والاتهامات؟
حادثة جامعة بوعلي سينا
في الأسبوع الأول من تشرين الأول 2025، شهدت جامعة بوعلي سينا في محافظة همدان تجمعاً احتجاجياً شارك فيه أكثر من مئتي طالب إيراني، رفعوا شعارات تطالب بطرد عدد من الطلبة العراقيين بعد تداول مقاطع فيديو تزعم وقوع تحرّشٍ جنسي بحق طالبات إيرانيات من قبل طلاب عراقيين داخل الحرم الجامعي.
التحديات التي يواجهها الطلبة العراقيون في إيران
رغم الزخم العددي، يواجه الطلبة العراقيون في إيران مجموعة من التحديات اليومية والأكاديمية تتراوح بين اللغة، والبيروقراطية، والاندماج الثقافي. فبحسب دراسات جامعية حديثة في جامعة طهران للعلوم الطبية، يعاني الطلاب الأجانب من صعوبة في استيعاب المحاضرات بسبب الفوارق اللغوية، إضافة إلى ضعف في الدعم الإداري وتأخر إنجاز المعاملات الجامعية.
الفرص الأكاديمية وشبهات توظيفها
رغم تلك التحديات، تبقى الدراسة في إيران فرصة مهمة للطلبة العراقيين الراغبين في تحصيل علمي متخصص بتكلفة منخفضة. ففي مجالات الطب، والهندسة، والدراسات الإنسانية، تتمتع الجامعات الإيرانية ببنية علمية متقدمة نسبياً على مستوى المنطقة. كما أُبرمت اتفاقيات لتبادل الأساتذة والباحثين، وأُطلقت مشاريع بحث مشتركة في مجالات التنمية والطاقة والعلوم الاجتماعية.
مستقبل العلاقة الأكاديمية بين بغداد وطهران
تُظهر تجربة الدراسة في إيران تداخلاً معقداً بين الفرص الأكاديمية الحقيقية والشبهات السياسية والثقافية، وبين رغبة آلاف الطلبة في التحصيل العلمي وبين قصور الإطار التنظيمي الذي يفترض أن يحميهم. أما حادثة جامعة همدان، فهي نموذج مصغّر لما يمكن أن تخلقه الفوارق الثقافية حين تغيب الإدارة المؤسسية والتواصل الرسمي بين الجانبين. يرى خبراء التعليم أن على بغداد أن تعيد هيكلة ملف الدراسة في إيران ضمن رؤية وطنية واضحة تضمن الإشراف الأكاديمي، وتُفعّل دور الملحقيات الثقافية، وتُرسّخ مبدأ استقلال التعليم عن النفوذ السياسي أو الأيديولوجي.

