نوقن أن من تربى على منظومة القيم النبيلة، يمتلك عقيدة راسخة، تجاه ماهية الحق والعدل؛ حيث يدرك أن السلم والسلام ليس خيارًا، بل، سبيلٌ وحيد للتفاهم حول القضايا بكافة تنوعاتها، وهنا يمارس كل ما من شأنه أن يعضد تلك المسيرة، التي تعزز الاستقرار وتطفئ لهيب الفتن ونار الحروب والنزاعات، وتستبدلها باستراتيجيات تنموية تُؤسَّس على شراكات فاعلة نافعة تحدث الإعمار المنشود في ربوع المعمورة قاطبة.
التفرد المصري لم يقف عند حدود الجغرافيا، ولا غور الحضارة فقط، بل، امتد أثره ليشمل في طياته فلسفة إرادة السلام، التي تدحر العنف بكل صوره، وهذا يجسد حالة الاستخلاف التي تقوم على العدل والمساواة بين البشر، وهو ما تحقق أخيرًا على أرض واحة الأمن والأمان بمدينة شرم الشيخ المصرية؛ حيث التوصل عبر الحوار المنظم إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة بعد مرور عامين من القتل والتهجير، بما سبب معاناة لا تمحى من ذاكرة الأمم.
إرساء السلام يقوم على إرادة لا تلين، ومثابرة وتمسك بالقيمة، التي تزرع في النفوس الأمل، مهما تعالت التحديات، وتفاقمت الأزمات، وتوالت صور الاعتداء السافر، ناهيك عن ثبات ورسوخ تجاه القضية الأم التي لا تقبل المساس، وهنا تستعيد الذاكرة مواقف الدول المختلفة؛ حيث أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي بصورة واضحة أنه لا سلام بدون إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية، ويبدو أن الحسابات انحسرت حول هذا الأمر، وتم تدشين خطة الرئيس الأمريكي ترامب تحت رعاية ثلاثية، تتمثل في كل من مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية.
يدرك الجميع حقيقة واحدة، تكمن في أن السلام من أرض السلام لا مناص عنه، وأن الإقليم يصعب أن تستقر أموره ويستعيد توازنه؛ إلا من خلال الدبلوماسية المصرية، التي لا تتزحزح عن قيمها ومبادئها وعقيدتها في إدارة القضايا الكبرى والملفات الشائكة، وهذا يجعلنا نعظِّم مقدار الجهود المضنية، التي تبذل على الدوام من أجل ترسيخ ثقافة السلام العادل والشامل، الذي يوقظ الضمير المجتمعي، ويعيد فكرة مجد الحضارات، التي لا تقوم إلا على فلسفة العدالة في صورتها المطلقة؛ فعندما تزدوج المعايير، وتعدد المكاييل، تفوح رائحة الكراهية، ويزداد تخصيب مساحة التطرف، وهذا ما لمسه العالم بأسره في فترة حرب إسرائيل على غزة.
الرئيس عبد الفتاح السيسي بكل تجرد يمثل في مواقفه قاطبة الضمير الجمعي المصري لشعبه ومؤسسات الدولة الوطنية، وهذا لم ينفك قطعًا عن منظومة القيم النبيلة التي تربينا عليها؛ فرغم حبنا للسلم والسلام والاستقرار؛ إلا أننا لا نتقبل الظلم والجور والعبث بمقدرات الأوطان والإطاحة بالأنظمة المستقرة؛ لذا صارت مصر بدبلوماسيتها الرائعة قادرة على تعزيز رسائلها تجاه القرارات التي تتبناها؛ ومن ثم أضحت منبرًا للحوار ومركزًا لصياغة التفاهمات بكل أنماطها، وهو ما يؤكد أن هذا الوطن يشكل رمانة الميزان للمنطقة بأسرها دون مبالغة.
كشف الرئيس عن الرؤية المصرية وما تكنه صدور المصريين؛ حيث الرغبة في استكمال مسيرة النهضة والتقدم والعمل على صناعة مستقبل مشرق لأجيال تستحق أن تحيا حياة كريمة؛ لذا صرح بكلمات تحمل في طياتها ماهية السلام التي تسهم في البناء والتنمية في صورها المستدامة؛ فقال سيادته (إن هذا الاتفاق لا يطوي صفحة حرب فحسب، بل يفتح باب الأمل لشعوب المنطقة في غدٍ تسوده العدالة والاستقرار)، وهنا ندرك عمق الرؤية التي تحث الجميع على الاستقرار المستدام، وليس المؤقت لتعزيز العدالة مع الأمن في آن واحد.
أستطيع أن أقول بكل ثقة إن الرئيس عبد الفتاح السيسي تمكن بكل ثقة من أن يغير وجه السياسة، التي تقوم على فلسفة المصالح؛ ليصل بها إلى صور النقاء في التعامل الإنساني؛ ومن ثم تصبح العلاقات الدولية في مسارها القويم؛ حيث تسود حالة الإعمار والنهضة والاستقرار والطمأنينة التي يعود أثرها الإيجابي على البشرية جمعاء، وتلك هي وظيفية التعايش السلمي لمن يريد أن يتعلم من هذا الرجل الذي أصلح ما بينه وبين الله – تعالى -، فأصلح الله – تعالى – ما بينه وبين الناس، فبارك في عمله وأثمر سعيه وأحسن أثره في الأرض.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.

