الجدل حول القانون الجعفري في العراق
منذ أول محاولة لتشريع قانون الأحوال الشخصية الجعفري عام 2014، لم يهدأ الجدل داخل العراق حول العلاقة بين القانون المدني الموحد للأحوال الشخصية، وبين النزعة المتصاعدة لتجزئة المرجعية القانونية وفق الانتماء المذهبي.
الخلفية التاريخية
على الرغم من تجميد المشروع حينها بفعل ضغط سياسي وشعبي واسع، إلا أن القانون عاد للواجهة بصيغته المعدلة عام 2025، ليعيد النقاش القديم بحدة أكبر: هل يظل العراق دولة مدنية يستظل جميع مواطنيه بقانون واحد، أم يتجه نحو تكريس الطابع الديني-المذهبي في مؤسساته التشريعية؟
الجدل الحالي
في قلب هذا الجدل، برزت أنباء خلال الأيام الأخيرة تتحدث عن “نزوح نساء مع أطفالهن من بعض المحافظات إلى إقليم كردستان خشية تطبيق القانون الجعفري”، وهو ما نفاه بشدة عضو مجلس النواب أمير المعموري، معتبراً أن مثل هذه الأخبار “عارية عن الصحة” ولا تستند إلى أي مصدر رسمي أو تقارير موثقة.
رأي أمير المعموري
قال المعموري: “هذه الأخبار عارية تماماً عن الصحة، ولا تستند إلى أي مصدر رسمي أو بيانات موثقة من الجهات الحكومية أو المنظمات الإنسانية، وتداول مثل هذه الشائعات يهدف إلى إثارة الرأي العام وزعزعة الثقة بين المواطنين والمؤسسات التشريعية”.
أرقام الصحفي حسام الحاج
إلى جانب النفي الرسمي، تداول الصحفي حسام الحاج أرقاماً لافتة في تقاريره، قال إنها تعكس أثر القانون خلال الأربعين يوماً الأولى من تطبيقه، بما في ذلك آلاف الأزواج الذين تقدّموا بطلبات لتحويل عقود الزواج أو الطلاق من مدني إلى جعفري، ونحو 4400 حالة حضانة انتُزعت من الأمهات نتيجة التحويل.
الخلافات حول القانون
القانون الجديد يُعيد تنظيم الأحوال الشخصية على أسس مذهبية صريحة، مانحاً الأولوية للنصوص الفقهية التقليدية، مما يثير مخاوف من أن يؤدي إلى تكريس المذهبية داخل البنية التشريعية، ويهدد وحدة القانون العراقي.
التجارب التاريخية
التجارب التاريخية في المنطقة تُظهر أن الدول التي انزلقت نحو تشريعات مذهبية موازية فقدت تدريجياً القدرة على الحفاظ على حياد الدولة، ليتحوّل القانون من أداة تنظيم مدني إلى أداة صراع سياسي واجتماعي.
المأزق الحالي
الجوهر لا يتعلق بحالات فردية بقدر ما يرتبط بالسؤال الأكبر: هل يمهّد القانون الجعفري لتحويل العراق تدريجياً من دولة مدنية محكومة بقانون واحد إلى دولة دينية تتوزع قوانينها بتوزع المذاهب؟ الإجابة لن تأتي من الشائعات أو الأرقام غير الموثقة، بل من قدرة المؤسسات على نشر بيانات دقيقة، وضبط التطبيق بما يحفظ الحقوق الدستورية، ويمنع استغلال القانون في تقسيم المجتمع أو تسييس العدالة.

