الذكرى الثانية والخمسون لحرب تشرين
تحل اليوم الذكرى الثانية والخمسون لحرب تشرين، أو حرب يوم الغفران كما تسمّيها إسرائيل، وهي المواجهة العسكرية الأبرز في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي منذ هزيمة حزيران 1967. في ذلك اليوم من عام 1973، شنت مصر وسوريا هجوماً مباغتاً ضد إسرائيل لاستعادة الأراضي المحتلة في سيناء والجولان.
مفاجأة البداية وسرعة التحرك
رغم أن القيادة العراقية، حينها، برئاسة أحمد حسن البكر لم تُبلَّغ مسبقاً بموعد الهجوم، كما كشف لاحقاً أنه عرف باندلاع الحرب عبر الإذاعات، إلا أن العراق أعلن الحرب على إسرائيل في اليوم التالي مباشرة. يرى باحثون أن سبب تجاهل مصر وسوريا للعراق يعود إلى اختلاف الرؤى؛ فبينما ركزت القيادتان المصرية والسورية على استعادة الأراضي التي احتلت عام 1967، كان العراق يدعو إلى حرب تحرير شاملة تشمل فلسطين كلها.
دور العراق على الجبهة المصرية
أرسل العراق نحو 20 طائرة مقاتلة من طراز “هوكر هنتر” بطياريها إلى الجبهة المصرية. ووفق شهادة رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق سعد الدين الشاذلي، فإن العراق كان أول جيش عربي يلتحق بالجبهة المصرية بعد القوات المصرية نفسها، وقد أحرز 150 نقطة في قوة التأثير العسكري.
دور العراق على الجبهة السورية
كان الدور الأبرز للعراق على الجبهة السورية، حيث أرسل أكثر من 18 ألف جندي مدعومين بتشكيلات مدرعة وجوية ضخمة. في العاشر من تشرين الأول، ومع بدء الهجوم الإسرائيلي المضاد الذي هدد العاصمة السورية دمشق، انسحبت القوات السورية إلى الخلف، فيما كان التهديد الإسرائيلي يتعاظم. في تلك اللحظة الحرجة، وصلت الألوية العراقية تباعاً إلى الجبهة، وخاضت معارك مباشرة كبّدت الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة.
قراءة في الدور العراقي
بحسب دراسات عسكرية مقارنة، فإن مشاركة العراق في حرب تشرين مثّلت أكبر تدخل عربي خارجي من حيث حجم القوات والسرعة في التحرك. على الجبهة المصرية كان الدور معنوياً واستراتيجياً، لكن على الجبهة السورية كان الدور مصيرياً؛ إذ حمى دمشق من السقوط، وأعاد التوازن الميداني بعد التقهقر السوري.
الواقع الراهن
إذا كانت حرب تشرين قد جسّدت لحظة صعود للجيش العراقي كقوة إقليمية يُحسب لها حساب، فإن الواقع الراهن يعكس مساراً مختلفاً تماماً. فمنذ 2003 وما تبعه من تغييرات سياسية وأمنية، تراجع الدور الإقليمي للعراق، وتحوّل الجيش من أداة فاعلة في معارك قومية إلى قوة منشغلة بأمنها الداخلي وتحدياتها البنيوية.

