عاد الجدل حول المدرب الفرنسي لوران بلان بعد أيام من إقالته وخسارة الاتحاد في أول مباراة بعد رحيله، وتعالت الأصوات بالانتقادات ضد إدارة النادي بعد سقوط الفريق السعودي أمام ضيفه الإماراتي شباب الأهلي، ضمن منافسات دوري أبطال آسيا للنخبة، بداعي الاستعجال في اتخاذ قرار إقالة المدرب الذي قاد «النمور» للفوز ببطولتي الدوري والكأس، بعد موسم تاريخي أعاد للنادي الجداوي هيبته بين الكبار.
وعلى الرغم من انقسام أنصار الاتحاد ما بين مؤيد للإقالة ورافض لرحيل المدرب الفرنسي، يتفق الجميع على أن بلان لم يقم بعمل جيد خلال فترة الصيف، بعدما رفض الاستغناء عن بعض اللاعبين الذين أكملوا الموسم الماضي بشق الأنفس، ولم يتحمس لإبرام صفقات يمكنها رفع مستوى الفريق، خصوصاً وأن معدل أعمار المحترفين الأجانب كان يشير إلى احتمال تعرض الاتحاد إلى نكسة في الموسم الجديد من شأنها إنهاء آماله في المنافسة على البطولة الآسيوية التي ستقام أدوارها النهائية على أرضه وبين جماهيره.
الحقيقة أن بلان لم يكن مدرباً مثالياً حتى وإن قاد الاتحاد للفوز ببطولتي الدوري والكأس، لاعتبار أن الدور الأهم في تحقيق الإنجاز كان للاعبين وإصرارهم على إنجاح المدرب الفرنسي، بدليل أن الفريق خرج فائزاً في كثير من المباريات بجهود حارس المرمى بريدراغ رايكوفيتش، أو بخبرة كريم بنزيمة أو بمحاولات فردية قام بها الجزائري حسام عوار والهولندي ستيفن بيرغوين، ولم يكن لقرارات وخطط بلان دور في تحقيق أغلب هذه الانتصارات.
ويتضح من أداء الاتحاد في مباريات الموسم الحالي أن لاعبي الفريق لم يحصلوا على إعداد بدني جيد خلال المعسكر الصيفي، ويمكن مقارنة عمل بلان في هذا الجانب بنظيره البرتغالي جورجي جيسوس الذي نجح في إعداد النصر بطريقة غيرت أداء الفريق ورفعت مستوى كثير من اللاعبين، في مقدمتهم أيمن يحيى والسنغالي ساديو ماني، ولعل ما قام به بلان يوازي فشل طيب الذكر نونو سانتو في اختيار الطائف لإعداد الفريق قبل بدء الموسم الكارثي الذي شهد فيه الاتحاد انهياراً بدنياً غير مسبوق، ما أدى إلى ازدحام عيادة النادي باللاعبين وخوض بعض المباريات بقائمة احتياط ناقصة، بعدما وصل عدد المصابين الذين خضعوا للعلاج حينها إلى 25 لاعباً في وقت واحد.
لم يكن لوران بلان المدرب الذي يمكن الرهان عليه لفترة طويلة، قياساً على خبراته السابقة وتجربته في إدارة لاعبي الاتحاد داخل الملعب، ولولا إصرار بنزيمة على استقطاب مدرب فرنسي لقيادة الفريق بدلاً من الإيطالي ستيفانو بيولي، لما طرق أحد باب بلان للتعاقد معه أو حتى طلب استشارته فنياً، بسبب عدم المبالاة التي تصل إلى حد البرود في التعامل مع مجريات اللعب، بدرجة توحي بأن هذا الرجل يعاني من شرود ذهني يجعل أفكاره تذهب بعيداً عن الملعب وما يجري داخله، ولعل تغييراته خلال مباراة النصر الأخيرة تبرهن على عدم قدرته على التفكير من خلال الاستعانة بالبديل فيصل الغامدي لتعويض صانع اللعب المصاب حسام عوار، مع أن دكة البدلاء تمنحه الفرصة للاستعانة بلاعب أكثر فاعلية في المركز نفسه.
ويبقى بلان الرابح الأكبر من فسخ عقده، لأنه أضاف إلى سيرته المهنية إنجازاً مهماً بفضل ما حققه في الموسم الماضي، وغالباً سيجد مقابل حصيلته هذه عرضاً سخياً من أندية محلية أو عربية، ومع أن رحيله لا يعتبر خسارة للاتحاد، فإن الفريق سيدفع ثمن تخبطات المدرب الفرنسي حتى نهاية الموسم، ما يعني أن شبح موسم الأرجنتيني غاياردو ربما يعود بنسخة أسوأ، في حال لم يتدارك مسؤولو النادي الأمر خلال فترة الانتقالات الشتوية المقبلة، وإجراء تعاقدات مؤثرة مع نجوم يمكنهم صناعة الفارق، بعيداً عن صفقات اللاعبين صغار السن «المواليد» وعدم جدواها في رفع مستوى الأداء.

