أزمة الذهب في العراق: صعود أسعار وتهريب دولار
مقدمة
يشهد العراق أزمة متشابكة تتعلق بالذهب، تجمع بين بعدين رئيسيين: الارتفاع القياسي لأسعاره محلياً وعالمياً، والاستخدام غير المشروع لعمليات استيراده كغطاء لتهريب الدولار إلى الخارج. هذه الأزمة تضع الاقتصاد العراقي أمام ضغوط متزايدة، تهدد الاستقرار النقدي والاجتماعي.
أسباب الأزمة
المختص في الشأن الاقتصادي ناصر الكناني أوضح أن سعر مثقال الذهب وصل إلى مستويات غير مسبوقة تقترب من المليون دينار، ما أثار موجة قلق واسعة بين المواطنين والتجار. هذا الصعود الحاد مرتبط بعوامل داخلية وخارجية متشابكة، يأتي في مقدمتها ارتفاع أسعار الذهب عالمياً نتيجة التوترات الجيوسياسية وتباطؤ النمو الاقتصادي، إضافة إلى تراجع قيمة الدينار العراقي أمام الدولار بفعل المضاربات وشح العملة الصعبة في السوق المحلية.
تأثير الأزمة على المجتمع
زيادة الطلب على الذهب محلياً كملاذ آمن لحفظ الأموال وسط عدم استقرار السوق المالية، أسهمت في تضخيم الأزمة، خاصة مع غياب سياسات مالية واضحة وضعف أدوات الرقابة على أسواق الصاغة. هذه العوامل رفعت تكاليف الزواج والادخار الشعبي إلى مستويات غير مسبوقة، ما يعكس أبعاداً اجتماعية عميقة للأزمة الاقتصادية.
تهريب الدولار عبر استيراد الذهب
الخبير الاقتصادي أحمد التميمي أكد أن عمليات الاستيراد نفسها تحولت إلى وسيلة تهريب للعملة الصعبة. وقال إن الآونة الأخيرة تشهد عمليات استيراد للذهب من قبل الإمارات وكذلك تركيا أكثر من الفترات السابقة، وهذا ما يؤشر وجود عمليات لتهريب الدولار عبر هكذا عمليات استيراد، خاصة وأن الدولار لهذه العمليات يتم عبر السعر الرسمي عبر منصة خاصة.
الحلول الممكنة
يجب أن تكون هناك ضوابط صارمة لعمليات استيراد الذهب من الخارج، والاستيراد يجب أن يكون وفق أوزان محددة وكذلك توقيتات زمنية بين عملية وأخرى. يجب ربط السياسات المالية والنقدية بالإجراءات الأمنية، وإعادة بناء آليات رقابية على تجارة الذهب والاستيراد، إلى جانب توفير أدوات ادخار بديلة للمواطنين تقلل من الاعتماد على الذهب وحده.
الخلاصة
الذهب في العراق تحوّل من مجرد سلعة استهلاكية واستثمارية إلى ملف استراتيجي يعكس أزمات أوسع. بينما تستفيد الدولة من ارتفاع قيمة احتياطياتها من الذهب وتعزيز موقف البنك المركزي النقدي، يدفع المجتمع ثمناً باهظاً عبر قفزات الأسعار وتراجع القدرة الشرائية، فيما تتحول عمليات الاستيراد إلى قنوات موازية لتهريب الدولار. بدون معالجة جذرية لهذه الأزمة، سيبقى الذهب في العراق عنواناً لأزمة مزدوجة: ربح رسمي وخسارة شعبية.

