بعد مرور 52 عامًا على نصر أكتوبر المجيد، لا تزال صرخات العبور تتردد في وجدان الأمة، لا كتاريخ نحتفل به فحسب، بل كدرس مفتوح في الشجاعة والوحدة والقيادة الرشيدة. وبينما تمر المنطقة العربية اليوم بمخاطر وتحديات لا تقل ضراوة عن ميادين الحرب، تعود إلينا ذكرى السادس من أكتوبر لا كحدث عسكري، بل كرسالة حيّة تحمل إلينا عبرًا لا تقدر بثمن.
دروس أكتوبر التي لا تموت:
الإرادة تصنع المعجزات.. لم يكن النصر في أكتوبر محض تفوق عسكري، بل نتاج إرادة أمة قررت ألا تستسلم. في زمن تُفرض فيه المعادلات السياسية والاقتصادية على الشعوب، يذكّرنا أكتوبر أن الكلمة العليا تظل دائمًا لمن يملك الإرادة، لا لمن يملك القوة فقط.
وحدة الصف لا يُهزم معها شعب
في الحرب، كانت الجبهة الداخلية متماسكة، الكل في خندق الوطن؛ الفلاح والمثقف، الجندي والطالب، المسلم والمسيحي. واليوم، في وجه ما تواجهه الأمة من انقسامات وصراعات داخلية وخارجية، نحتاج أن نُحيي هذا الدرس مجددًا: لا نصر بدون وحدة.
القيادة الواعية مفتاح الخروج من الأزمات
قرار الحرب في أكتوبر لم يكن عشوائيًا، بل جاء بعد تخطيط طويل ورؤية ثاقبة من قيادة آمنت بقدرة شعبها. هذا يعكس ضرورة أن تمتلك الدول اليوم قيادات تتحرك بحكمة، وتتخذ قراراتها بناءً على رؤية وطنية، لا على ردود أفعال مؤقتة.
المعركة لم تنتهِ.. فقط تغيّرت أشكالها
إن لم تكن المعركة اليوم بالسلاح، فهي بالوعي، بالإعلام، بالاقتصاد، بالثقافة. أكتوبر يعلّمنا أن حماية الوطن ليست فقط من عدو خارجي، بل من كل ما يهدد استقراره من الداخل أيضًا. الحفاظ على الهوية والوعي الوطني معركة لا تقل خطورة عن عبور القناة.
رسائل أكتوبر في زمن الأزمات:
في عالم يضطرب بالتحالفات المتغيرة، والنزاعات المسلحة، والتدخلات الخارجية، تبقى ذكرى أكتوبر نداءً للعودة إلى الذات: إلى الإيمان بالوطن، بالقدرة، وبأن كل أزمة مهما اشتدت، لها عبور، كما كان لعبور القناة بداية النصر، يمكن لأي أمة أن تعبر محنتها إذا تماسكت وتسلّحت بالوعي والعمل.
النصر لا يأتي بالتمني:
نصر أكتوبر لم يكن حدثًا عابرًا، بل مدرسة في الوطنية والتخطيط والصبر والانتماء. تعلّمنا منه أن النصر لا يأتي بالتمني، بل بالعمل والإعداد، وأن وحدة الصف هي أعظم سلاح نمتلكه.
في الذكرى الـ52 لانتصار أكتوبر،لا يسعنا إلا أن نوجّه التحية إلى أرواح الشهداء، ونبعث برسالة فخر إلى كل من شارك في صناعة هذا النصر العظيم. فلتظل راية الوطن عالية، ولنبقَ أوفياء لتاريخٍ صنعه الأبطال، وأمانةٍ نحملها للأجيال القادمة.
وخاتما فإن الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر لا يعني فقط استدعاء المشاهد البطولية، بل الأهم أن نفهم ما وراء الانتصار: الدرس، العبرة، والرسالة. ومع مرور 52 عامًا، لا تزال تلك اللحظة التاريخية تهمس لنا:
“إذا اجتمع الشعب على هدف، وآمن بقيادته، فلا مستحيل أمامه.”
فهل نُصغي جيدًا إلى تلك الهمسات ونحن نواجه تحديات اليوم؟
كل عام ومصرنا الغالية في عزٍ ونصر وكبرياء

