الشرق الأوسط في عين العاصفة: التصعيد العسكري والسياسي
введение
مع إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران، دخل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط طوراً أكثر حدّة من التوتر. القرارات الصادرة عن مجلس الأمن لم تعد محصورة بالجانب الاقتصادي أو القانوني، بل صارت غطاءً لتحركات عسكرية متسارعة تقودها الولايات المتحدة في الخليج العربي.
التحليل الاستراتيجي
تشير القراءات الاستراتيجية إلى أن هذه التطورات تعيد إنتاج مشهد الأزمات الكبرى التي شهدتها المنطقة منذ حرب الخليج الأولى، مع فارق أن البيئة الحالية أكثر تشابكاً بحكم دخول أقطاب دولية جديدة مثل الصين وروسيا على خط المواجهة. وفق مقاربات سياسية حديثة، فإن هذه المرحلة تمثل اختباراً لمبدأ السيادة الوطنية وحدود القانون الدولي، في ظل واقع أمني هشّ يضع الخليج على صفيح ساخن.
التحركات العسكرية الأمريكية
شهدت الأيام الماضية تدفق طائرات مقاتلة متطورة إلى قواعد أمريكية في الخليج، بالتزامن مع تجهيز حاملات الطائرات وزيادة قدرات الإسناد الجوي. هذه المؤشرات تعكس، وفق تحليلات قانونية معمقة، انتقال الولايات المتحدة من سياسة الردع التقليدي إلى مرحلة التلويح باستخدام القوة المباشرة.
موقف أوروبا
رغم أن القارة الأوروبية طرف رئيسي في الملف النووي الإيراني، إلا أن قدرتها على التدخل العسكري تبقى محدودة بفعل أزماتها الاقتصادية المتراكمة. أوروبا لن تنخرط عسكرياً بسبب أزماتها الاقتصادية، لكنها ستدعم أي تحرك سياسي ضد إيران. هذا الموقف ينسجم مع تقديرات مؤسسية حديثة تفيد بأن الاتحاد الأوروبي بات يتجه نحو التركيز على أدوات الدبلوماسية والضغط الاقتصادي، تاركاً القيادة الأمنية للولايات المتحدة.
ردود الفعل الإيرانية
إيران تقرأ المشهد باعتباره قراراً أمريكياً نهائياً لا مجال لتعديله عبر المفاوضات. طهران تدرك أن واشنطن حسمت موقفها، وأن المفاوضات لن تغير شيئاً بعد اتخاذ قرار التدخل العسكري، فيما بدأت إيران إجراءات فعلية للتصدي، وسط دعم غير معلن من روسيا والصين اللتين تخشيان سقوط النظام الإيراني لأنه سيخلق بيئة مؤيدة للغرب ومناهضة لهما.
الأهمية الجغرافية لإيران
الأزمة لا تكمن فقط في الملف النووي الإيراني، بل في ما تمثله إيران جغرافياً من موقع استراتيجي قريب من موسكو وبكين. الهدف الاستراتيجي للحرب على إيران يتجاوز طهران نفسها، فالمقصود هو الصين التي بات تمددها الاقتصادي يهدد المصالح الأميركية والأوروبية، وإيران جغرافياً تمثل عقدة محورية قريبة من موسكو وبكين، ما يجعلها بوابة لمحاولة محاصرة الصين عبر الشرق الأوسط.
الجبهة الإسرائيلية
على الجانب الإسرائيلي، لم يكن وقف إطلاق النار في غزة سوى محطة تكتيكية لإعادة ترتيب الأولويات. التصريحات السياسية والعسكرية الصادرة من تل أبيب أوضحت أن المواجهة المقبلة تتركز على إيران وحلفائها الإقليميين. القصف الذي تعرضت له مواقع داخل إيران يمثل رسالة تحذير قابلة للتكرار في أي لحظة، خاصة في ظل بقاء قرار وقف النار بلا ضمانات نهائية.
المرحلة الجديدة من التصعيد
تداخل البعد القانوني مع التحركات العسكرية، إلى جانب حسابات القوى الكبرى، يضع الشرق الأوسط أمام مرحلة جديدة من التصعيد. واشنطن تستخدم العقوبات كمدخل لشرعنة خيار الحرب، فيما تحاول طهران استثمار تحالفاتها مع موسكو وبكين لتعويض الفارق في موازين القوة. أوروبا تنكفئ إلى مربع الدعم السياسي من دون تدخل مباشر. ومع دخول إسرائيل على خط التصعيد المباشر ضد إيران، تصبح احتمالية تجدد القصف وامتداد المواجهة إلى العراق ولبنان واليمن أكثر واقعية، في مشهد ينذر بإعادة رسم الخارطة الاستراتيجية للنظام الدولي.

