غييرمو دل تورو: شدتني المخلوقات الغرائبية منذ صغري
فيلم فرنكنستاين الجديد
يختلف الفيلم الجديد «فرنكنستاين» عن كل فيلم آخر مقتبس عن رواية ماري شَلي المعروفة. يختلف في كونه أكبر حجماً من جميع النسخ السابقة، ويختلف في أنه يوفّر حكاية موازية للحكاية الأصلية. وبالتالي يختلف عمّا كتبته المؤلِّفة (1797 – 1851) عندما تخيّلت أن عالِماً اسمه فرنكنستاين قرّر أنه يستطيع صنع إنسان إذا جمع أطرافه من موتى عديدين ووصلها بالكهرباء المستمدة من البرق في ليلة ماطرة.
مخلوق متمرد
لكن هذا الاختلاف متوقّع؛ إذ إن الفيلم من إخراج غييرمو دل تورو، المخرج الذي داعب خيال المشاهدين بأفلام سابقة كان أبطالها وحوشاً متعدّدين. يقول خلال مقابلة أُجريت معه في مهرجان «ڤينيسيا» الأخير، حيث شارك الفيلم في مسابقة الدورة: «بالنسبة لي لم يكن مثيراً أن أكتفي بنقل الحكاية الأصلية كما هي. لا أشعر بأن ذلك فعل ضروري؛ لأن مئات الأفلام السابقة سردت الحكاية واكتفت بها».
تجربة فنية فريدة
الفيلم ضخم البنية، يشبه ضخامة جسد الوحش نفسه. إنه مخلوق مصطنع سبق الروبوتات والذكاء الاصطناعي، لكنه يماثلها في أنه غير صالح للامتثال. وهو أقرب إلى الكيان الإلكتروني الذي رأيناه في فيلم ستانلي كوبريك «2001: أوديسا فضائية» (1968). «فرنكنستاين» مقسَّم إلى 3 أجزاء: الأوّل هو الحكاية كما يرويها العالم ڤيكتور فرنكنستاين (يؤديه أوسكار أيزاك) من وجهة نظره وهو يندفع لتحقيق رغبة مجنونة. الثاني يقدّم جانباً آخر من القصة كما يرويها الوحش نفسه (يجسّده جاكوب إلوردي)، الضحية الذي لا يستطيع الاندماج مع الحياة. الثالث ختامي يعرض مصير العالم ومخلوقه، حيث يفشل كلاهما في الانتماء إلى حياة سوية ويعانيان إخفاقاً مريراً.
الجميلة والوحش
ليست هذه المرة الأولى التي يقدّم فيها دل تورو علاقة شائكة وصعبة بين أنثى ومخلوق وحشي. ففي «شكل الماء» (The Shape of Water)، الذي حصد 4 جوائز أوسكار عام 2018 (بينها أوسكار أفضل فيلم وأفضل مخرج)، وفّر أرضية لهذه العلاقة: السلطات العسكرية في الستينات تعتقل وحشاً برمائياً وتنقله إلى موقع سري. تراقبه عاملة تنظيف (سالي هوكينز) ثم تبدأ بإطعامه. هي الوحيدة التي يتجاوب معها بسلام، قبل أن تنجح في تهريبه بمساعدة آخرين.
رعب فكري
لا يجب أن نعتقد أن دل تورو مجرّد مخرج أفلام رعب. يقول: «أستخدم النوع (Genre) وسيلةً للحديث عن تلك اللقاءات الحادة بين ما هو طبيعي في المظهر وما هو غير طبيعي في المظهر أيضاً». هذا التوجه يجعله أيضاً مخرج مضامين سياسية: «متاهة بان» عن السُلطة في زمن الحرب الأهلية الإسبانية. «ميميك» عن تلك الحشرات التي ستنتقم من إنسان تجاهل أهمية البيئة، و«شكل الماء» عن تلك الحرب الباردة.

