أثناء دراستى الجامعية، متنقلا بين مركز ديروط “محل سكنى وعائلتى”، ومحافظة أسيوط “مقر الجامعة التي أنتمى إليها”، كنت أشاهد كتبا شعبية منتشرة بين المواطنين المستقلين للقطار، بينما كنت أوفر مصروفى الشخصى ” البسيط” لشراء جرايد المعارضة، أو كتب لقادة الرأي والفكر قبل 2010، وكان أصدقائى يحرصون على شراء تلك الكتب، وفيها رسائل، ومعلومات قيمة، وبطبعات شعبية، تجعلها زهيدة السعر، وهى الأزمة التي تواجه دائما أصحاب دور النشر، والمكتبات، وقد كتب كثيرا الصديق العزيز محمد شوقى، عن دار “عصير الكتب” ذائعة الصيت، وقد تناول كثيرا في تصريحاته، أو كتاباته على السوشيال ميديا زوايا النشر ومخاطر المهنة، ومنها تزييف الكتب، وسرقتها، وهو يقوم بتلك التوعية منطلقا من حرفيته في ” الشغلانة”، ونحن الاثنان أبناء مركز واحد، وهو مركز ديروط بمحافظة أسيوط.
وقد تذكرت تلك الكتب التي كانت في متناول اليد، بينما أتابع يوميا مقالات الصديق العزيز محمود عبد الراضى، أحد أبرز نجوم ملف الحوادث والقضاء، والمتخصص في الشئون الأمنية ذات الصلة بوزارة الداخلية، والذى يكتب يوميا مقالات في غاية العظمة، وفيها جرعة إنسانية فلسفية تكاد ترقى لمستوى الفلاسفة، ويميزه أنه يكتب يوميا حول فكرة بعينها، ولا تجد أي تشابه بين مقال ومقال، أو هناك جملة مكررة في مقال وآخر، فكل مقال ينسجه عبد الراضى، يستحق لأن يحول إلى بودكاست صوتى، وحلقات في علم ” السلام النفسى”، والتي تستحق أن يكون لها طبعة شعبية توزع على الطلاب، والمواطنين، ويتم بيعها بسعر عادل.
يقول عبد الراضى في مقال ” معاركنا المجانية..خسارة بلا مقابل” حول فكرة الغضب والصراع وهنا أقتبس من نص المقال “المعارك المجانية تفرّق لا تجمع، تضعف لا تقوّي، وأجمل ما يمكن أن نقدمه لأنفسنا وللآخرين هو الصمت الحكيم، والكلمة اللطيفة، والتفهم العميق، فلنكن أذكياء بما فيه الكفاية لنختار معاركنا بعناية، لا أن نُكلف أنفسنا خسائر بلا معنى”، وفى مقاله ” مرضى قيل وقال” يحاول الصديق العزيز تسليط الضوء على من ينقلون الكلام ويأولونه على عكس الحقيقة يقول ” هم محترفو القيل والقال، صانعو الحكايات المزيفة، يحيكون الروايات كما يشتهون، يزوجون أسماء لا ذنب لها إلا أنها تسير في طريقها بثبات، تجد نفسك فجأة بطلًا في قصة لم تسمع بها من قبل، تهمس بها الألسن، وتتناقلها المجالس، دون أن يكون لك فيها طرف أو حتى وقت يسمح بالانخراط في حديث جانبي”.
بينما يكتب عبد الراضى مئات المقالات حول أفكارا جاذبة، وعناوين توصلك للمضمون ومنها عناوين ” الود الكاذب” و ” لاتكن ظلا في صورة لا تشبهك” و ” لا تخن نفسك” و ” في حضرة الونس” و ” هيبة الصمت” وغيرها من المقالات الفلسفية الجميلة، التي أدعو كل القراء، ومن يهتمون بالقراءة، وكذلك مدربى ” التنمية البشرية ” و ” اللايف كوتش” لقرائتها ومحاولة نشرها، كما أتمنى من الصديق العزيز تحويلها لمقالات صوتيه، وتكون بصوت مختار بعناية، حتى تحقق غايتها.

