تجربة الألم: حكايات مخلوعين في مصر
كابوس يلاحقني
يعود إمبابي بذاكرته للوراء، متذكراً تفاصيل تلك التجربة ولحظة نطق قاضي محكمة الأسرة بأشمون بمحافظة المنوفية الحكم بتطليق زوجته لينهي زواجاً استمر 54 يوماً فقط. يروي قائلاً: "بلغ العناد ذروته بيننا آنذاك، رفضت كل حلول ووساطات الانفصال بصورة ودية، لجأت إلى رفع ثلاث دعاوى قضائية ضدي، اثنتين منهما طلاق بالضرر وخسرتهما، والثالثة خلع دامت 9 أشهر بالمحكمة، وتذرعت أمام القاضي بأنها تخشى ألا تقيم حدود الله وربحت القضية".
يشير إمبابي إلى أن حياته انقلبت رأساً على عقب بعد النطق بالحكم، حيث أصبح الحكم بمثابة كابوس يطاردنه في كل مكان. كان أكثر ما يشغل ذهنه هو كيفية مواجهة المجتمع بعدما أصبح شخصاً موصوماً بموجب هذا الحكم. عانى ضغوطاً نفسية هائلة، حيث شعر أن الحكم بمثابة طعن وانتقاص في رجولته.
انتقاص رجولة
يعتقد رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي الدكتور ممتاز عبدالوهاب أن هؤلاء المخلوعون يعيشون تحت وطأة ضغوط نفسية هائلة، لأنهم يعتبرون ما حدث لهم يُشكل طعناً في رجولتهم. كما أن المجتمع يتعامل معهم بنوع من السخرية والتنمر بصورة تُفاقم معاناتهم، وتُسبب لهم مشكلات نفسية كثيرة.
قضايا الخلع في مصر
توضح أستاذ مناهج الاجتماع بجامعة عين شمس الدكتورة عزة فتحي أن قضايا الخلع تختلف حسب طبيعة البيئة المحيطة، إذ تعتمد المدن والحضر على ما يُسمى بـ"الإبهام الذاتي" فلا أحد يعرف شيئاً عن الآخر إلا إذا جرى التشهير به عبر "السوشيال ميديا". أما في الريف والصعيد فيتحوّل الأمر إلى "فضيحة" ويمتد التنمر ليصل إلى مكان الأبناء في المدارس والآباء في العمل ومحيط السكن.
تعامل القانون
يؤكد المحامي المتخصص في شؤون الأسرة علي صبري عسكر أن غالبية حالات الطلاق بالمحاكم في الوقت الحالي هي أحكام بالخلع، مرجعاً ذلك إلى أن حالات الطلاق بالخلع "لا تستغرق وقتاً طويلاً بالمحاكم، وتعتبر من القضايا المضمونة لمصلحة الزوجة". ويضيف عسكر أن كثير من الزوجات يصعب عليهن إثبات التعنيف ضدهن في الطلاق بالضرر فيفضلن الخلع.

