ثورة في تطوير البرمجيات
في خطوة قد تعيد رسم مستقبل تطوير البرمجيات، كشفت دراسة حديثة عن إمكانات نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) الهائلة في تسريع عملية كتابة الأكواد البرمجية. وأظهرت النتائج أن الاعتماد على هذه النماذج يمكن أن يقلل الوقت اللازم لإنجاز المهام البرمجية بنسبة مذهلة تصل إلى 40 %، وهو ما يمثل طفرة حقيقية في إنتاجية المطورين.
ثورة في زمن قياسي
لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة للمبرمجين، بل أصبح شريكاً فعالاً. وتناولت الدراسة، التي أجريت على مجموعة من المطورين، مدى تأثير استخدام أدوات تعتمد على نماذج لغوية متقدمة (مثل GitHub Copilot أو أدوات مشابهة) في مهام البرمجة اليومية.
كانت الفرضية بسيطة وهي هل يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل «البحث عن الأكواد» و«كتابة التعليمات الروتينية» التي تستهلك جزءاً كبيراً من وقت المبرمج؟ وكانت الإجابة بنعم. حيث تمكن المطورون الذين استخدموا LLMs من إنجاز المهام التي تتطلب عادةً 10 ساعات في حوالي 6 ساعات فقط، ما أسفر عن توفير بنسبة 40% من الوقت. وهذا التوفير لا يعني فقط إنهاء المشاريع بشكل أسرع، بل يتيح للمطورين تخصيص وقتهم الثمين للمهام الأكثر تعقيداً وإبداعاً، مثل تصميم البنية المعمارية للبرنامج، وتحسين الخوارزميات، وحل المشكلات الصعبة.
نماذج اللغة
يمكن لهذه النماذج التنبؤ بالسطر أو حتى بالكتلة البرمجية الكاملة التي ينوي المبرمج كتابتها بناءً على السياق الحالي. هذا يقلل من النقر والكتابة اليدوية بشكل كبير. كما يستطيع المطور كتابة «اكتب لي دالة لجلب بيانات العملاء من قاعدة البيانات» (باللغة الإنجليزية أو العربية في بعض الأحيان)، وتقوم الأداة بإنشاء الكود المناسب مباشرةً. هذا يسرع عملية صياغة الأكواد القياسية. وتساعد LLMs في تحديد الأخطاء البرمجية المحتملة أو نقاط الضعف الأمنية في الكود أثناء كتابته، مما يقلل من الوقت اللازم لاحقاً لعمليات التصحيح والتدقيق.
الجانب الإبداعي والإنساني
يشدد الخبراء على أن هذا التحول لا يهدد وظيفة المبرمج، بل يرفع من قيمتها. فبدلاً من أن يكون المطور «آلة كاتبة للأكواد»، سيتحول دوره إلى «مهندس معماري» أو «مصمم مفاهيمي» للمشاريع.
يقول أحد الباحثين المشاركين في الدراسة: «إن خفض وقت كتابة الأكواد بنسبة 40 % يحرر المطور من العمل الميكانيكي. يمكنه الآن التركيز على السؤال الأهم: ما الذي يجب أن يفعله الكود، بدلاً من كيف يجب أن أكتب الكود». ومع ذلك، تثير هذه النتائج تساؤلات حول جودة الأكواد المُنشأة بالذكاء الاصطناعي، وحقوق الملكية الفكرية، والحاجة إلى مهارات تدقيق الأكواد المعقدة. فالمبرمج الذكي سيكون هو الذي يعرف متى يثق بالذكاء الاصطناعي ومتى يجب أن يصححه أو يعيد صياغة اقتراحاته.
المستقبل ينتظر
تشير هذه الدراسة إلى أن رحلة تطوير البرمجيات في بدايتها فقط. ومع استمرار تطور نماذج اللغة الكبيرة، يمكننا أن نتوقع أن تتجاوز نسبة التوفير في الوقت حاجز الـ 40 % بكثير، مما يعد بعهد جديد من البرمجة فائقة الإنتاجية والتركيز الإبداعي. هل نحن مستعدون لقبول الذكاء الاصطناعي كأفضل صديق جديد للمطور؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة!

