مقدمة
أثار أداء مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، وسلوك مديره كاش باتيل، في الأشهر الأخيرة، جدلاً واسعاً داخل واشنطن وخارجها. لكن الجدل بلغ ذروته بعد جلسة الاستماع التي خضع لها باتيل الأسبوع الماضي في الكونغرس، حيث وُجهت إليه اتهامات بالتقصير والتخبط في التعامل مع قضية مطلق النار على الناشط اليميني تشارلي كيرك.
مسار كاش باتيل الشخصي والسياسي
لم يكن المسار الذي أوصل باتيل إلى هذا المنصب تقليدياً، ولم يكن خالياً من المغامرة. فالرجل ذو الأصول الهندية الغوجاراتية، وُلد ونشأ في نيويورك عام 1980 لأسرة متوسطة الحال، اضطرت لمغادرة أوغندا في سبعينات القرن الماضي إثر سياسات الطرد التي اتبعها نظام عيدي أمين ضد الجالية الآسيوية هناك. ومثل كثير من العائلات المهاجرة، بدأت أسرة باتيل من الصفر: عمل الوالد في متجر بسيط، بينما كرّست الأم وقتها لرعاية أبنائها.
تعيين باتيل لرئاسة مكتب التحقيقات الفيدرالي
تعيين باتيل في رئاسة مكتب التحقيقات الفيدرالي خلال الولاية الثانية لترمب كان خطوة غير مسبوقة؛ إذ لم يسبق أن تولى هذا المنصب شخص بخلفية سياسية حزبية واضحة إلى هذا الحد. ورغم أن البيت الأبيض برر التعيين بأنه «جزء من إصلاح شامل للمكتب»، اعتبر مراقبون أن الغرض الحقيقي كان وضع شخص موالٍ في موقع حساس، قادر على إعادة توجيه بوصلة التحقيقات الفيدرالية.
الأزمة التي يواجهها باتيل
الأزمة لم تتوقف عند هذا الحد. فبعد أسابيع قليلة، ظهرت دعوى قضائية فيدرالية رفعها ثلاثة من كبار مسؤولي المكتب السابقين، بينهم برايان دريسكول، المدير المؤقت السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، تتهم باتيل بتنفيذ «عملية تطهير سياسي» داخل الوكالة بإيعاز من البيت الأبيض.
مستقبل باتيل على رأس الـ«إف بي آي»
في خضم هذه العواصف، برزت انتقادات حتى من داخل المعسكر المحافظ. لورا إنغراهام، مقدمة البرامج في قناة «فوكس نيوز»، وصفت الطريقة التي تعامل بها باتيل مع قضية كيرك بأنها «هاوية مهنية»، بينما قالت الناشطة اليمينية لورا لومر إن «مكافأة الـ100 ألف دولار التي أعلنها المكتب مهينة مقارنة بقضايا أقل أهمية». هذه المواقف تكشف عن أن الدعم لباتيل ليس شاملاً حتى بين حلفاء ترمب.
الخلاصة
يعكس صعود كاش باتيل إلى رئاسة مكتب التحقيقات الفيدرالي لحظة أميركية معقدة: جهاز أمني بحجم الـ«إف بي آي»، لطالما كان رمزاً للحياد المؤسسي، يجد نفسه فجأة جزءاً من حرب سياسية مفتوحة. وباتيل، الذي بدأ مسيرته ابن مهاجرين يسعى وراء الحلم الأميركي، أصبح رمزاً آخر للاستقطاب العميق الذي يمزق واشنطن. وبين طموحه الشخصي ورغبة البيت الأبيض في السيطرة، وبين أخطائه المتكررة وضغوط الكونغرس والإعلام، يبدو أن مستقبل الرجل والجهاز الذي يقوده بات معلقاً بخيط رفيع.

