قراءة كلمة السيد الرئيس التي ألقاها على طلاب الأكاديمية العسكرية المصرية داخل القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة نجد أنها تحمل في طياتها مضامين ومقومات بناء الإنسان الذي يقع على عاتقه مهام جسام يأتي في مقدمتها الحفاظ على وطنه والتمكن من رسم سيناريوهات مستقبله المفعم بالأمل والطموح؛ ومن ثم رسالة للعالم بأسره بأن معين الوطنية والعطاء والمقدرة على مواجهة التحدي واجتياز الصعاب من خصائص الشخصية المصرية، التي لا تعرف للاستسلام طريقًا ولا لليأس بابًا.
الرئيس أكد على فلسفة الربط بين الماضي والحاضر من خلال بناء إنسان يدشن بكل ثقة جسور النهضة التي يضيف إليها ويجعل من التنمية مسارات لا تنضب، ويصنع استثماراته التي تضمن له الحياة الكريمة، وهذا لا ينفك عن التعليم والتأهيل والتدريب لتلك الفئة الفاعلة التي تحول الرؤى الطموحة لواقع ملموس بعد اكتساب الخبرات النوعية التي تنبري على مهارات الابتكار؛ ومن ثم تستثمر الحيوية في تجديد شريان الوطن بسواعد فتية قادرة على العمل المتواصل والإنجاز الذي يبهر العيون.
توجيهات الرئيس للشباب تحمل مفاهيم صحيحة ناتجة عن خبرات عميقة من ميادين العمل والكفاح، وهذا بالقطع يسهم في تنمية الوعي لديهم ويرسخ فيهم القيم النبيلة ويعلى أطر الطموح والأمل ويحث على المسئولية في صورها المختلفة، ويهيئ الفرد لأن يتحمل الضغوطات ويواجه الصعوبات ولا يعاني من التحديات، كما يحث على المشاركة الفعالة في بناء الوطن من خلال طاقات تستثمر في مساقها الإيجابي.
يريد الرئيس من توجيهاته أن يعلى من قدر ومقدار المسئولية الوطنية لدى أبناء الأمة المصرية الذي يقع على عاتقهم مهام جسام تتأتى من إحساس عميق لماهية الانتماء والولاء، وترتبط من فقه لمعني المشاركة والتكامل والتضافر من أجل تحقيق المهمة، وهذا بالطبع يؤكد تفهم فلسفة المنظومة الناجحة التي تؤسس على معايير وتقوم دعائمها على التزام أخلاقي ويحكمها سياج القانون الذي يحقق العدل والمساواة؛ ومن ثم يعي الشباب بحق الحقوق والواجبات ويلتزمون برعاية وحماية وصون مقدرات هذا الوطن العظيم.
إشارة الرئيس للسلوكيات الصحية وأهمية الحفاظ على الجسد بتجنب الممارسات غير السوية يؤكد على أن مسيرة العطاء لابد أن نوفر لها أسباب الاستدامة؛ فنحصد ثمار العلم ونرفع من مستويات ودرجات المناعة ونصبح قادرين على اكتساب الخبرات النوعية وما تشمله من معارف ومهارات ووجدانيات تعزز لدينا الرغبة في مزيد من الإنجازات على كافة الأصعدة العلمية والعملية والأكاديمية والحياتية، وبالطبع ترتفع معدلات الإيجابية لدى الشباب؛ حينئذ يمتلك المقدرة على الاتزان الذي يساعده في أن يصنع ويتخذ قراراته بصورة صائبة.
أراد الرئيس أن يجعل من التبكير رمزًا للنشاط والحيوية، وبداية اليوم طاعة الرحمن – سبحانه وتعالى – لتأخذ الروح غذاءها، ويستيقظ العقل وتنشط خلاياه، فالتبكير ليس مجرد استيقاظ، بل تقدير ثمين للوقت، وغرس لعادات صحية تعود بالأثر الطيب على الفرد، كما تجعل اليقظة لحظة تنبعث فيها الطاقات، وتتجدد الآمال؛ فعبر نور الفجر يزهر الأمل، وتتشكل لدى الشباب قوة الإرادة.
زيارة الرئيس للأكاديمية العسكرية، التي تعد صرحًا لإعداد القادة ومصنعًا للرجال وصقلًا للشخصية الوطنية المسئولة؛ حيث تتناغم الأفكار مع العمل المتواصل والتدريب الاحترافي وتحصيل العلوم المختلفة؛ فيصبح الشباب قادرًا على الموازنة بين العلم والمعرفة والعطاء في صورته المادية؛ حينئذ يتكامل البناء، ويشكل الإنسان جزءًا من مشروع وطنه؛ فيصبح فاعلًا قادرًا على التغيير، يمتلك الوعي الرشيد وضبط النفس وتوظيف القوة بحكمة.
كلمة الرئيس يريد منها أن يدرك شبابنا ذواتهم، من خلال تمسكهم بالقيم وانضباطهم العسكري والتحلي بالسلوكيات الحميدة التي يعود أثرها الإيجابي على الفرد والمؤسسة والمجتمع، كما أن الكلمة تؤكد في نسيجها على استثمار الفرص والوعي بما يحتاجه الوطن من شعب يمتلك الحضارة والتاريخ.. ودي ومحبتي لوطني ولرئيسي وللجميع.
_____
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر

