كما نعلم جميعاً أن الإعلام بوسائله المختلفة والتى انضمت إليها حديثاً السوشيال ميديا، تلك التى باتت شريكاً أساسياً بل تكاد تكون على رأس الوسائل الإعلامية الحديثة، لها دور شديد القوة سريع الانتشار بالمجتمع، حيث إنها أحد أهم وسائل تشكيل الوعى غير المباشر والتى تمتلك من القوة ما يفوق غيرها درجات.
لذا..
أعود وأكرر ندائى بضرورة تسخير منظومة الإعلام الحالية لمهمة وطنية شديدة الخطورة، وهى تكثيف الجهود لإظهار الصورة الحقيقية لمصر وموقفها الدائم الداعم للقضية الفلسطينية وما يحدث بغزة منذ عامين من إبادة جماعية ومحاولات جادة للتطهير العرقى تقوم به إ س ر ائ يل بغزة.
أعلم جيداً أن الإعلام المصرى يبذل جهداً مشكوراً فى هذا الشأن لإظهار حقائق الأمور التى يتم تشويهها وتزييفها فيما يخص مصر من خلال إنتاج أفلام وثائقية وحوارات بالبرامج التليفزيونية المختلفة.
ولكن..
قد لا يكون هذا المحتوى المقدم بالكافى لمواجهة طوفان عظيم من الشائعات والأكاذيب التى يتم ترسيخها وتأصيلها وترويجها على أوسع نطاق للنيل من مصر وقيادتها وتشويه صورتها وإضعاف موقفها أمام العالم الخارجى بقدرة واحتراف إعلامى كبير.
وما دعانى لطرق هذا الملف من جديد، ما رأيته وسمعته بإحدى دول أوروبا بالأيام القليلة الماضية عن طريق الصدفة من أحد أطباء الإسعاف بفلسطين، والذى صدمتنى نظرته وأحزنتنى أقواله فيما يخص موقف مصر والمصريين من حرب غزة.
فقد كنت جالسة بإحدى الأماكن العامة، أتحدث بالعربية، لينتبه إلى هذا الطبيب الفلسطينى من سكان القدس الذين يعملون تحت لواء حكومة إ س ر ا ئ ي ل، بصحبة وفد من الأطباء والطبيبات الذين يعمل غالبيتهم بإسعاف مصابى غزة من خلال الصليب الأحمر، وعندما سمعنى أتحدث باللهجة المصرية، استدار ليسألنى بشكل مفاجئ، إنتى مصرية؟
فأجبته بنعم مصرية.
فلم يطيق صبراً ليهاجمنى بسؤال غريب شديد اللهجة:
(إنتوا ليه بتكرهوا الفلسطينيين)؟
فاندهشت كثيراً من هذا الاتهام الباطل العارى تماماً من الصحة، لأجيبه:
(وكيف نكره أهل فلسطين ونحن وبلادنا أول وأكبر الداعمين للقضية، ورفض حكومتنا لاستقبال أهل غزة بأراضينا ليس إلا حفاظاً على القضية الفلسطينية ومنعاً التهجير القسرى المنشود).
فقال:
يؤكد لنا المسؤولون بإ س ر ا ئ ي ل مراراً وتكراراً أن السبب الأساسى لموت الأطفال والنساء وعدم القدرة على إسعافهم ودخول المعونات الغذائية والدوائية لهم هى مصر.
ثم جهش بالبكاء على من فارق الحياة بين يديه دون قدرة على إنقاذه من أطفال ونساء تقطعت أطرافهم وانفجرت أحشائهم ولم يستطيع نقلهم للمشافى بزعم أن مصر رافضة لفتح المعبر.
وقد كانت كلماته نابعة من ثقة شديدة بما يسمعه باستمرار حتى ترسخ بداخله ليصدقه ويؤمن به ولا يصدق سواه.
فحاولت أن أرد الكذب وأوضح حقيقة الأمر ما استطعت سبيلاً، وحدثته عن احتراف صناعة الكذب وتأصيلها لتتحول مع الوقت والتكرار لحقيقة، والتى تبرع بها دولة الكيان ا ل ص ه ي ون ي على مر الزمان.
وشرحت له ومن معه من أطباء حقيقة الموقف الذى لا يصلهم كما ينبغى وما تقوم به مصر وما يهتم به المصريون وما تسعى إليه إ س ر ا ئ ى ل من ترويج تلك الأكاذيب، ليتنفس الرجل الصعداء من بعد شدة بكاء ويشكرنى لإزاحة هذا الهم والغضب تجاه مصر عن صدره.
نهاية:
أدعو جميع الزملاء والزميلات من العاملين بمجال الصحافة والإعلام بمختلف وسائله الفضائية والإلكترونية، أن يجعلوا من الدفاع عن مصر وموقفها الحاسم وصورتها الحقيقية، وما تتعرض له من استفزاز وتحرش من دولاً بعينها لجرها إلى ما لا تطيق، شغلهم الشاغل وهمهم الأول والأخير، بشكل جذاب سلسل وتحديداً بمنصات التواصل الاجتماعى التى لها القدرة الآن على عبور القارات والتأثير البعيد السريع عما سواها من وسائل للإعلام، والانصراف عن قضايا تافهة وأخبار للاستهلاك المحلى لا تثمن ولا تغنى عن جوع، لأن بلادنا بتلك الأوقات الصعبة والظروف المحيطة الشائكة بأشد الحاجة إلى وقفة جادة لصد وكف ومواجهة الشائعات والرمى بالأكاذيب عن طريق خطة إعلامية مضادة تفوق خططهم وتبطل حيلتهم وترد كيدهم.
