مقاطعة التيار الصدري للانتخابات: اختبار للنظام السياسي العراقي
يمثل انسحاب أي قوة سياسية كبرى من العملية الانتخابية في العراق اختباراً جدياً لبنية النظام السياسي والدستوري الذي تأسس بعد عام 2003. فالدستور العراقي أرسى مبدأ المشاركة الواسعة باعتباره ضمانة للتوازنات الوطنية وحماية للتنوع المجتمعي، لكن المشهد الميداني أظهر أن غياب طرف أساسي قد يفتح ثغرات في البنية السياسية والاجتماعية.
الغياب السياسي وتأثيره على التوازنات الداخلية
من الناحية المؤسسية، يشكل التيار الصدري ركناً أساسياً في معادلة التوازن داخل البرلمان والحكومات المتعاقبة، إذ طالما مثّل ثقلاً انتخابياً صعب تجاوزه. وهنا يوضح الباحث والأكاديمي عمار البهادلي أن "قرار التيار الصدري مقاطعة الانتخابات والابتعاد عن المشهد السياسي ستكون له انعكاسات مباشرة على الوضعين السياسي والاجتماعي في العراق".
تأثير الغياب على المشهد الاجتماعي
لا يقتصر غياب التيار على المؤسسات السياسية، بل يمتد إلى المشهد الاجتماعي حيث يشكل جمهوره كتلة ضغط شعبية واسعة. وهنا يشير البهادلي إلى أن "هذا الغياب قد يمنح بعض القوى السياسية مساحة أكبر للتحرك والسيطرة على القرار، لكنه في المقابل يفتح الباب أمام تصاعد التوترات الشعبية".
تأثير الغياب على الشرعية الانتخابية
العملية الانتخابية في العراق تقوم على مبدأ التمثيل الشامل للمكونات السياسية والاجتماعية، وأي مقاطعة واسعة تُضعف من شرعيتها. ويضيف البهادلي أن "أما على المدى البعيد، فإن استمرار ابتعاد التيار عن العملية السياسية قد يضعف من شرعية النظام الانتخابي ويؤثر على نسبة المشاركة الشعبية".
مستقبل العملية السياسية في العراق
إن مقاطعة التيار الصدري لا تمثل مجرد موقف سياسي عابر، بل هي متغير مؤثر يعيد صياغة التوازنات الداخلية ويضع العملية الانتخابية أمام تحديات جوهرية. فغياب التيار عن المشهد يضعف من ثقة الجمهور بالمنظومة القائمة، ويفتح الباب أمام قوى جديدة لملء الفراغ، لكنه في الوقت نفسه يضاعف مخاطر التوتر الاجتماعي ويزيد من احتمالية اهتزاز الشرعية المؤسسية.

