تحذيرات من تهديدات سيبرانية متزايدة في العراق
بغداد اليوم – بغداد
التهديدات السيبرانية: تحول من هواجس تقنية إلى تهديدات أمنية
لم تعد التهديدات السيبرانية مجرد هواجس تقنية، بل تحولت إلى ملف يمسّ الأمن القومي للدول ويهدد المجتمعات اقتصادياً واجتماعياً. العراق، كغيره من بلدان المنطقة، يواجه موجة متصاعدة من الهجمات الرقمية، تتراوح بين محاولات احتيال فردية عبر تطبيقات المراسلة، وهجمات منظمة تستهدف المواقع الحكومية والبنى التحتية.
تحذيرات من جهاز الأمن الوطني
جهاز الأمن الوطني أوضح أن "المهاجمين يقومون باستدراج المواطنين من خلال طلب رمز التحقق الخاص بالتطبيق للسيطرة على الحسابات واستغلالها في طلب الأموال وسرقة بيانات البطاقات الائتمانية ونشر روابط خبيثة". وشدد على أن "مواجهة هذه المحاولات تتطلب الحذر والامتناع عن مشاركة أي رمز أو بيانات شخصية وعدم التفاعل مع الحسابات أو الروابط المشبوهة، مع ضرورة الإبلاغ الفوري للجهات المختصة".
تحليل الخبراء
الخبير التقني عثمان أحمد تحدث لـ"بغداد اليوم"، مؤكداً أن "مثل هذه الهجمات الإلكترونية ليست محصورة بتطبيق واتساب وحده، بل تحدث بين الحين والآخر على أغلب منصات التواصل الاجتماعي". وفق تقديرات بحثية مستقلة، هذا النمط من الاحتيال يُمثل جزءاً من هجمات أوسع تستغل سلوك المستخدم كحلقة أضعف.
دور الوعي الفردي
يرى عثمان أحمد أن الوقاية تبدأ من وعي الأفراد، حيث أوضح: "يجب أن نكون واعين ويقظين عند التعامل مع أي رسالة أو اتصال نشعر أنه غريب أو غير مألوف، عبر الالتزام بعده قواعد، من بينها عدم مشاركة رمز التح验 أو أي بيانات شخصية أبدًا". هذه التوصية تلتقي مع تجارب مقارنة في دول آسيوية أثبتت أن حملات التثقيف حول خاصية التحقق بخطوتين (2FA) خفّضت معدلات الاختراق بنسبة تتراوح بين 30–50%.
الثغرات التقنية
أضاف عثمان أحمد أن "يجب تفعّيل التحقق بخطوتين والحرص على تحديث التطبيق باستمرار، فضلاً عن تجنّب وتجاهل الروابط المشبوهة وعدم التفاعل مع أي طلب غير متوقع". هذه النقطة تُعيد فتح ملف الثغرات التقنية في الأجهزة الذكية نفسها. فقد كشف تحقيق صحفي عن وجود تطبيق إجباري باسم AppCloud في بعض هواتف سامسونج المخصصة لأسواق الشرق الأوسط، تابع لشركة إسرائيلية الأصل (IronSource).
دور المؤسسات
عثمان أحمد لفت إلى جانب آخر من المشكلة حين قال: "عند الشك أو التعرض لمحاولة احتيال، أبلغ الجهات المختصة، بالإضافة الوعي واليقظة هما خط الدفاع الأول لحماية حساباتنا وبياناتنا". هذه الإشارة إلى دور المؤسسات تتقاطع مع ما أعلنه المركز الوطني للأمن السيبراني الذي أكد إحباط محاولات لاختراق مواقع حكومية في كركوك.
الأمن السيبراني كأولوية وطنية
رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في معرض الأمن والدفاع على أن "الأمن السيبراني أصبح محوراً رئيسياً لحماية العراق من التهديدات الخارجية"، مؤكداً أن "بناء القدرات البشرية والتكنولوجية والبرمجية يجب أن يكون مواكباً لأعلى مستويات التهديدات، وأن التنظيمات الإرهابية توسع من استخدام الفضاء الإلكتروني".
التحديات المستقبلية
يتضح أن العراق يواجه مشهداً سيبرانياً معقداً: محاولات احتيال فردية عبر واتساب، ثغرات في الأجهزة الذكية، هجمات تضليل إعلامي تستهدف المؤسسات، وتصاعد تهديدات منظمة بمستويات قياسية. تصريحات جهاز الأمن الوطني وتحذيرات الخبير عثمان أحمد تعكس أن الحل يبدأ من وعي المواطن، لكنه لا يكتمل إلا بتشريعات حديثة، وتطوير البنى التحتية الرقمية، وتعزيز القدرات الوطنية للأمن السيبراني.

