العراق في مواجهة ضغوط سوق النفط العالمية
يواجه العراق تحديات كبيرة في ظل تقلبات سوق النفط العالمية. الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي يشير إلى أن أسعار النفط تتأثر بضغط أمريكي وأوروبي، حيث يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى خفض الأسعار إلى مستوى 55 دولاراً للبرميل. هذا الضغط يأتي خدمة لأهداف انتخابية و为了 تقليص العائدات الروسية، مما قد يؤثر على الحرب الروسية الأوكرانية.
مخاطر الهبوط في أسعار النفط
مع ضعف الطلب العالمي وزيادة إنتاج أوبك وخارجها، يرى المرسومي أن هناك احتمالية للهبوط في الأسعار إلى ما دون 60 دولاراً خلال الأشهر الستة المقبلة. هذا السيناريو يُعتبر كارثياً للعراق، حيث بنيت الموازنة العراقية على أساس 70 دولاراً كسعر مرجعي للبرميل. انخفاض الأسعار إلى حدود 50 دولاراً يعني عجزاً مضاعفاً وارتفاع الدين الداخلي، مع خطر دخول الدولة في أزمة سيولة لا تسمح بدفع الرواتب بانتظام.
هشاشة الاقتصاد العراقي
الخبير في الشؤون النفطية والاقتصادية أحمد عسكر يربط هذه الهواجس ببنية الاقتصاد الريعي، موضحاً أن الوضع الاقتصادي في العراق سيبقى مرتبطاً بشكل مباشر بتقلبات أسعار النفط العالمية. أي انخفاض في الأسعار قد يضع ضغوطاً على الموازنة العامة وقدرة الدولة على تمويل الخدمات والمشاريع الاستثمارية. يعتبر اعتماد الاقتصاد شبه الكامل على العوائد النفطية هو العامل الرئيسي في هشاشة الاقتصاد العراقي أمام الهزات الخارجية.
تحديات إدارة الموازنة
المختص في الشأن المالي رشيد السعدي يرى أن قرار أوبك+ بزيادة الإنتاج ابتداءً من أكتوبر المقبل يضاعف تعقيدات المشهد. زيادة المعروض النفطي قد تضع ضغوطاً إضافية على الأسعار في حال لم يقابلها نمو مماثل في الطلب. يضيف أن رفع معدلات الضخ يتطلب تكاليف تشغيل وصيانة إضافية، ما يثقل كاهل الموازنة العراقية أصلاً. الزيادة المقررة قد توفر متنفساً مالياً قصير الأمد، إلا أن استدامة المكاسب تبقى مشروطة بكيفية إدارة العوائد وتوجيهها إلى مشاريع تنموية وخفض الدين العام.
الخلفية التاريخية والأزمة المحتملة
الخلفية التاريخية تُظهر أن العراق ظل منذ سبعينيات القرن الماضي عرضة لتقلبات حصص أوبك والضغوط الدولية. التوتر بين الحاجة إلى الإيرادات والالتزام بالاتفاقيات ظل حاضراً في كل مرحلة. هذا الإرث يجعل أي هبوط جديد في أسعار النفط اختباراً حقيقياً لقدرة بغداد على مواجهة الأزمة. إذا تحقق السيناريو المتوقع بانخفاض الأسعار إلى ما دون 60 دولاراً، فإن العراق مقبل على أزمة مالية خانقة، قد تُدخل الدولة في عجز مضاعف وتُهدد انتظام الرواتب، في ظل ديون داخلية متصاعدة وضغوط إنفاق لا تحتمل التأجيل.

