السيطرات الأمنية في بغداد: بين الحاجة إلى الأمن وحرية الحركة
مقدمة
تشكل السيطرات الأمنية في بغداد إحدى أبرز أدوات الدولة لفرض النظام، لكنها في الوقت ذاته مثار نقاش متكرر حول جدواها وأثرها على حياة المواطنين. فالمعادلة بين متطلبات الأمن وحاجات الناس اليومية كثيراً ما تطرح تساؤلات عن الكلفة والفائدة، خصوصاً في ظل التجربة العراقية التي عاشت لسنوات طويلة هواجس الإرهاب، قبل أن تنتقل التحديات إلى الجريمة المنظمة والنزاعات العشائرية وتجارة المخدرات.
المشاكل المتعلقة بالسيطرات الأمنية
يقول أستاذ الفكر السياسي بجامعة بغداد إياد العنبر بتغريدة على موقع (أكس)، رصدتها "بغداد اليوم"، مستغرباً إن: مشاهد الفوضى المرورية في العاصمة، من تقاطع الجادرية حيث تغيب فاعلية الإشارات الضوئية وتظهر الامتيازات لمالكي السيارات المظللة وبعض الفئات النافذة (الأولوية لابو التاهووو المضلل والبلوگرات والفاشنستا)، وصولاً إلى محطة وقود الحرية التي تنتهي بسيطرات تفتيش مفاجئة، تحتاج إلى تفسير من وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد.
رد الفعل الشعبي
في هذا السياق، تداول مواطنون مشهداً لمفوض مرور عند تقاطع العرصات – قرب محطة وقود الحرية – وهو يتصرف "على مزاجه" بتسيير المركبات، رغم الشكاوى وضرب المنبهات من قبل السائقين. وبدلاً من معالجة الموقف، أخرج المفوض هاتفه وصوّر إحدى المركبات مهدداً مالكها بمخالفة غير قانونية، من دون أن يسلم وصلاً رسمياً. اللافت أن بجانب المواطن كانت هناك امرأة تستقل سيارة "مارسيدس" وضربت هي الأخرى بالمنبه، إلا أن المفوض تجاهلها تماماً، واكتفى بتصوير المواطن صاحب العجلة القديمة، في مشهد اعتبره المنتقدون دليلاً على ازدواجية المعايير.
ردود الأفعال الرسمية
قيادة عمليات بغداد ردت ببيان رسمي أكدت فيه أن ما يجري في جانبي الكرخ والرصافة "إجراءات وقائية مدروسة" تهدف إلى ملاحقة الجريمة المنظمة ومروجي المخدرات ومعالجة النزاعات العشائرية وأوكار السلاح غير المرخص. وأوضحت القيادة أن هذه الإجراءات حظيت بارتياح لدى المواطنين، وأسهمت في تقليل معدلات الجريمة، مشددة على أن ما وصف بالتنافس بين التشكيلات الأمنية هو "تنافس إيجابي" لرفع الأداء وتحقيق الانضباط.
الخلاصة
وفي الخلاصة، أن ما أثاره أستاذ الفكر السياسي إياد العنبر، وما كشفته مناشدات المواطنين ورد قيادة العمليات، يسلّط الضوء على إشكالية مستمرة في بغداد: كيف يمكن الحفاظ على الطمأنينة التي تحققت، من دون أن يشعر المواطن أن حياته اليومية خاضعة لتجارب أمنية مرهقة، أو لتصرفات فردية تسيء إلى هيبة المؤسسة؟ وفق تقديرات بحثية، الحل يكمن في تعزيز الجهد الاستخباري وربطه بسياسات واضحة معلنة، بما يوازن بين متطلبات الأمن وحقوق الناس، ويعيد ترسيخ ثقة الشارع بالدولة ومؤسساتها.

