تعيين سيباستيان لوكورنو في سياق سياسي معقّد
يأتي تعيين سيباستيان لوكورنو في سياق سياسي معقّد يتّسم بتشرذم المشهد السياسي الفرنسي، وأزمة سياسية غير مسبوقة منذ حلّ الجمعية الوطنية (البرلمان) في يونيو (حزيران) 2024، وما آلت إليه من تفكّك الغالبية البرلمانية، وهذا المشهد غير مسبوق حقاً في نظام «الجمهورية الخامسة» الذي كان يتميز سابقاً باستقراره. وهذا الواقع، بالذات، يتطلّب من رئيس الحكومة الجديد مهارات استثنائية في إدارة الأزمات المتراكمة والتوفيق بين التيارات المختلفة.
الجذور النورماندية البسيطة
وُلد سيباستيان لوكورنو يوم 11 يونيو عام 1986 في إيوبون بإقليم الفال دواز، شمال شرقي العاصمة باريس، لكن جذوره الحقيقية تمتد عميقاً في أرض إقليم النورماندي (شمال غربي فرنسا) التي شكلت وجدانه وطبعت شخصيته بطابعها المميز.
التحصيل الدراسي الأولي
يكشف المسار التعليمي المبكر لسيباستيان لوكورنو عن بدايات تأرجحت بين دعوات روحية وعسكرية قبل أن تستقر على المسار السياسي. ففي سنوات المراهقة كان قلبه يتأرجح بين شغفين متناقضين: الالتحاق بالجيش، أو التكرس للحياة الرهبانية، وقد كشف رئيس الوزراء نفسه في برنامج «أي عصر؟» مع الإعلامية ليا سالامي عن أنه فكر جدياً في «احتضان مهنة راهب بنديكتيني» عندما كان في السادسة عشرة من عمره.
الانخراط السياسي المبكر
وحقاً، تميز لوكورنو بسبقه السياسي المذهل؛ إذ انضم إلى التيار اليميني (تحديداً «حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية»)، وهو في السادسة عشرة من عمره، وأصبح عضواً نشطاً في منظمة شباب اليمين في فيرنون بمنطقة النورماندي.
التجربة المحلية وإثبات الكفاءة
عام 2014 شهد نقطة تحوّل مهمة في مسيرة سيباستيان لوكورنو، عندما نجح في إحراز فوز مفاجئ برئاسة بلدية فيرنون، متغلباً على منافسين أقوياء بفضل حملة انتخابية محكمة.
المسيرة الوزارية والصعود نحو القمة
بدأت المسيرة الوزارية لسيباستيان لوكورنو وهو في الحادية والثلاثين من عمره، عندما عُين كاتب دولة مكلف بالانتقال البيئي والرقمي لدى وزير البيئة نيكولا هولو.
وزيراً للجيوش
لكن التتويج الحقيقي جاء عام 2022 عندما عُين وزيراً للجيوش في عهد ماكرون الثاني، ليصبح أصغر وزير يتولّى هذا المنصب منذ الثورة الفرنسية.
الشخصية والأسلوب السياسي
يوصف لوكورنو بأنه شخصية «تقليدية» تحبّ الطقوس العسكرية وتجميع الأوسمة والقبعات الحربية.
خبرة بإدارة الأزمات والملفات المعقدة
على أية حال، لعل أهم ميزات لوكورنو في نظر ماكرون قدرته المُثبَتة على إدارة الأزمات والملفات الحسّاسة عبر تجربة طويلة ومتنوعة.
رجل التوازنات السياسية
في ضوء ما سبق، يمثل سيباستيان لوكورنو «ورقة رابحة» لاستقطاب أصوات اليمين التقليدي من دون إثارة مخاوف الوسط واليسار المعتدل.

