في الأوقات العصيبة، التي تمر بها الأوطان، تتكشف النوايا الدالة على مكنون المنهجية المتبناة من قبل الجماعات المغرضة، وهذا يؤكد أن الأجندة مقدمة عما سواها؛ فلا اعتبار لهدم الأوطان، وتشريد الشعوب، وإسالة الدماء بغير وجه حق، ولا قيمة لماهية الإنسانية وحقوقها التي شرعت لها، إذا ما تعارض كل ذلك قطعًا مع مصالح تلك الفئات، التي لا تحترم التشريعات، سواءً أكانت سماوية، أم وضعية؛ ومن ثم لا ضير من توظيف استراتيجيات، تقوم على الكذب، والافتراء، والتزييف، والأباطيل؛ كي تصل لمآرب رسمتها منذ زمن، وكابدت من أجل أن تصل لمبتغاها.
فلسفة التشويه عبر معول الشائعات تُعَدّ ركنًا رئيسًا لدى جماعات الظلام، التي صارت تستخدم الفضاء المفتوح؛ لبث الأخبار المفبركة، والأساطير المليئة بالخداع والمكر، والهدف من وراء ذلك ندركه مليًا؛ حيث محاولات إضعاف الثقة، وشق الصف، والنيل من العزيمة، وتقويض جهود البناء، والتشكيك في النوايا، ناهيك عن شيطنة الآخر، والتقليل من الجهود المضنية، التي تبذل؛ من أجل نهضة وإعمار هذا الوطن؛ لذا نوقن أن هذه الفئات الضالة، لا تضع في حسبانها حضارة الشعوب، ولا تاريخها، ولا تراثها، ولا استقرار حاضرها، ولا رؤى مستقبلها.
نهج التهويل؛ بغية زعزعة الاستقرار، وإضعاف حالة الشعور بالأمن والأمان، يصعب أن يحدث من قبل تلك الجماعات، بعيدًا عن سلاح الشائعات المغرضة؛ فقد اثبتت التجارب تلو الأخرى، استحالة وقوفها أمام مؤسسات الدولة الوطنية؛ فهناك جيش لا يخشى الوغي، وهناك شرطة باسلة لا يغمض لها جفن، وهناك رجال مخلصون لا يهابون الموت في سبيل الله – تعالى – وتراب الوطن الغالي، ناهيك عن شعب لا يتوان عن أداء الواجب، والاصطفاف خلف قيادته ووطنه، وتأييده لكافة الإجراءات والتدابير، التي تتخذ من أجل حماية الأمن القومي للبلاد.
ما تصدره منابر السفاء، من صخب، وضجيج؛ من أجل تشويه الحقائق على الأرض، وطمس المشاهد المبهرة، التي تعبر عن ملاحم الانجازات المتمثلة في صور المشروعات القومية، التي غيرت الجغرافية، وأحدثت نقلات نوعية في العديد من المجالات، وهذا سرعان ما يختفي أمام أعين العقلاء، ومن يمتلك الوعي الصحيح، وبناءً عليه تبدو سيناريوهات الشائعات، التي تنشرها الكتائب الالكترونية، عبر الفضاء المفتوح، بمثابة فقاعات لا أثر لها، ولا مكان تشغله في أذهان أولي الألباب، بل، يكتشفها البسطاء من الناس، ويدركون مدى وهنها وسطحيتها، كونها لا تستند على شاهد، أو دليل ملموس.
سردية الشائعات المغرضة، رغم أنها تخلو من لغة المنطق، وبعيدة كل البعد عن إطار المصداقية، ولا تمت للواقع المشاهد بصلة؛ إلا أنها سلاح يستهدف تأجيج المشاعر، والبعث بالمكون الوجداني، لدى المتلقي؛ كي يصاب، ولو بصورة مؤقتة بالإحباط، ويستشعر أن الأمل بات بعيدًا، وأن ضياء النهضة صار ضربًا من المستحيل، وأن قتامة المشهد سوف تزداد، وهنا نعي مخاطر أن يصبح الإنسان رهين، أو أسير، كلمات، ومعلومات، لا أساس لها من الصحة؛ ومن ثم يتوجب أن نظهر على الفور الحقائق، التي تقوض جهود المفلسين، من أصحاب المآرب الدنيئة.
اعتقد أن المحاولات المستميتة، التي تستهدف إضعاف الجبهة الداخلية المصرية، أضحت لا قيمة، ولا اعتبار لها، وما يحدث من تجييش الكتائب الالكترونية والإعلامية، لن يغير من الحال، أو المآل، ولن يزيد المصريين إلا تماسكًا وتضافرًا، وهذا ما نرصده من مشاهد الرأي العام، التي تظهر نفير المجتمع بأسره، حال المساس بمقدرات شعب لا يهاب عدو، ولا يضع اعتبارًا لمغرض، مهما تعالى جبروته، وتكبره في الأرض؛ فمصر تحطمت على أعتابها مطامع الطغاة، وقصفت على أبوابها رقاب المستبدين، ودحر على حدودها زحف الجبابرة الظالمين.
أصحاب الفطنة، لا ينطلي عليهم أكاذيب المغرضين؛ ومن ثم سوف تبحر سفينة النهضة، بفضل رباط وجأش هذا الشعب العظيم، وعزيمة وإرادة قيادته السياسية، التي تسابق الزمن، وتصارع التحديات، وتسير مجريات الأمور بقوة الحكمة، وتوظف القوة بالعقل الرشيد؛ لذا نحن مطمئنين لربان المركب، واثقين في نصر الله – عز وجل – لنا.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
____
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر

