عزيزي الطالب، وعزيزتي الطالبة، عندما تطأ أقدامكما أرض الجامعة؛ فاجعلا التفاؤل، والطموح، والإيجابية، عناصر رئيسة، لا تغيب عن تفكيركما، ولا تسمحا للتوتر، والعصبية، والقلق، والخوف، أن يتسلل إلى وجدانكما؛ لأن المرحلة الجامعية مفعمة بالنشاط، وتستطيعان من خلالها أن تحققا غايات كبرى، تتعلق بجوانب محددة في شخصيتكما، وبصورة العلاقات الاجتماعية، التي تكونها وفق معايير خاصة بكما، وبعمق الخبرات الأكاديمية، التي تفتح لكما مجالات عمل مستقبلية، في سوق مفتوح، قد أضحى يعتمد على فلسفة التفرد المهاري دون غيره.
سوف تجدا أمامكما مصادر متنوعة، ومتعددة، تكتسبان منها خبرات جديدة، وتفتح مسارات للتفكير، وبوابات للابتكار، وتدفع بكما إلى طرائق الإبداع، كما تتوافر لديكما تجارب الآخرين، التي تثري ما لديكما من معلومات، ووجدانيات، وتنعكس إيجابًا على أداءات، وممارسات، سواءً أكانت حياتية، أم ترتبط بالجوانب الأكاديمية، والمهنية؛ إنها خزائن المعرفة، التي لا تقدر بثمن؛ فاغتنما الفرصة، وانهلا قدر المستطاع منها، وليكن جل الإدراك أن التنمية الذاتية لا تتوقف في أية مرحلة من رحلة الحياة العلمية، والعملية.
المستقبل لا نتعجله؛ لكن نجهز له متطلباته، التي تبدأ بخريطة نسير وفق خطاها، ومراحلها؛ فيصبح النظام عادة، والتعاون سلوك، والحوار الذي يقوم على أسس، وآداب أداة بناء، لا نتخلى عنه في حياتنا بكل أنماطها وصورها، ولا نترك زمام الريادة عبر بوابة المنافسة، التي تدفعنا للتعبئة؛ لنكون دومًا على جاهزية؛ فلا ينتابنا شعور بالكسل، أو يتسلل إلينا ضعف ينال من عزيمتنا، وإرادتنا نحو بلوغ سلم التفوق؛ لذا فلا مجال للتراخي عن فرص تمنحنا الإلهام، وتزيد من تفاعلنا مع بعضنا البعض، ومع أساتذة لديهم رصيد، لا يستهان به من الخبرة النوعية في صورتها المتكاملة؛ ومن ثم ينبغي أن نسعى دأبًا إلى التواجد في محراب العلم.
كثرة المطالعة لمصادر المعرفة، تزيد من مقدرتك على التفكير، وتفتح أمامك بوابة التساؤلات، التي تعمق لديك خبرة التعلم المستهدفة؛ لذا فإنه لا بد أن نتعود على أن نطرح ما يجول في خواطرنا من تساؤلات؛ لتدفعنا نحو عصف، وقدح الأذهان، وهذا ما ينير أمام أبصارنا، وعقولنا طرائق العلم؛ فنجدد وصاله، ونرتقي درجاته، ونستطيع أن نصوّب ما تعلق في وجداننا من شوائب، قد التصقت بمناهج التفكير لدينا؛ فحجبت آفاقًا حدت من رؤيتنا نحو المستقبل.
ما أجمل! فقه النشاط العلمي، الذي يجعلنا في حالة من اليقظة على الدوام؛ فنتمكن من أن ندير الوقت بكفاءة؛ فلا نغرق في تفاصيل تهدر كنزًا، يمكننا أن نستثمره في بناء لبنات خبرات جديدة، وهنا نتحدث بروية عن أهمية تخطيط سيناريوهات للمهام، التي تقع في حيز المسئولية الشخصية؛ كي ندعم النجاح؛ فيصير حليفًا لنا، وهذا بالطبع لا يمنع من أن نقيم كل مرحلة نمر بها؛ لنرصد الإيجابيات، ونحصر السلبيات، ونتعرف على الصعوبات، والتحديات؛ لنتمكن من أن نحسن، ونطوّر من ممارساتنا بشكل مستدام.
الحرية في الحرم الجامعي، لا تفارق حد المسئولية في تحقيق أهداف، نترقبها نحن، ومن يهتم بأمرنا؛ لذا فلا يفارق مخيّلتنا ما نسميه بالانضباط الذاتي، الذي من خلاله نوازن بين احتياجاتنا، وأولويات ندرك تفاصيلها؛ فنعزف عن التقليد، وننسجم مع مبدأ الاختيار المصبوغ بنمط الوعي، وهنا لا نغالي إذا ما قلنا إن الجامعة تساعدنا في تشكيل الشخصية، التي تستهدف البناء، ولا تستند إلى عطاءات الآخرين من حولنا، وتلك فلسفة النظرة، التي تحمل طموح المستقبل، انطلاقا من حاضر، لا نتوقف فيه عن العمل، والاجتهاد، بل، والمثابرة من أجل الغاية المنشودة.
كن متفردًا، ليس شعارًا نعلن عنه؛ لكنه صار متطلبًا، لا غنى عنه في عالمنا المعاصر، الذي لا يكاد يعترف بالمهن التقليدية؛ فالتحولات قد باتت متسارعة؛ نتيجة لمفرزات التقنية، التي تقوم على الفكرة حديثة المنشأ، وهذا يجعلنا نساير مواكبة الوظيفية، بل، نتلمس خطاها؛ فنستطيع حينئذٍ أن نستفيد من بصماتها؛ حيث مقدرتنا على تحقيق فلسفة التكامل بين ما نمتلكه من أفكار رائدة، وما يجعلنا أن نكون قادرين على توظيف تطبيقات، وأدوات الذكاء الاصطناعي في إيجاد ما نبحث عنه بمجالاتنا، التي نهتم بها.. ودي ومحبتي لوطني وللجميع.
__
أستاذ ورئيس قسم المناهج وطرق التدريس
كلية التربية بنين بالقاهرة _ جامعة الأزهر

