البنية العسكرية في العراق: التحديات والفرص
مقدمة
يضع الدستور العراقي لسنة 2005 إطارًا واضحًا لبنية الدولة العسكرية، حيث نصّ على أن رئيس مجلس الوزراء هو القائد العام للقوات المسلحة، وأن التسمية الرسمية للجيش هي القوات المسلحة العراقية، ما يعكس مبدأ وحدة القيادة وانسجامها المؤسسي. لكن هذا الإطار لم يكن جديدًا؛ فقد ورث العراق تقليدًا عسكريًا يعود إلى ما قبل 2003.
التطورات التاريخية
مرحلة ما بعد 2003 حملت واقعًا مختلفًا، إذ فرضت التحديات الأمنية ـ من انتشار الجماعات المسلحة إلى تصاعد خطر القاعدة ـ إنشاء قيادة العمليات المشتركة عام 2007 كإطار استثنائي مؤقت. هذا الكيان ضم ممثلين عن وزارتي الدفاع والداخلية، مع مشاركة مباشرة من الجانب الأمريكي في مجال الدعم الجوي والاستخبارات. منذ ذلك الوقت، صار جزءًا من المشهد الأمني العراقي، وإن ظل بعيدًا عن الأصل الدستوري الذي يقتضي قيادة عامة موحدة باسم القوات المسلحة.
التحديات الحالية
الخبير العسكري جواد الدهلكي أشار إلى أن العمليات المشتركة ترتبط بعدة مؤسسات عسكرية ما بين الدفاع والداخلية ضمن تسمية (قيادة العمليات المشتركة) في العراق والتي تأسست سنة 2007 وترتبط بالقائد العام للقوات المسلحة مباشرة. يشير إلى أن هذه البنية لم تكن لتظهر لولا الظروف الاستثنائية، ما يجعل الحديث عن حلها أو إعادة هيكلتها جزءًا من العودة إلى الإطار القانوني الأصلي.
الفرص والتحديات
فك الارتباط بين وزارتي الدفاع والداخلية في حال إلغاء قيادة العمليات يحتاج إلى مسار قانوني معقد. الدهلكي أوضح أن هذا يحتاج إلى آلية قانونية وقرار مدروس من البرلمان العراقي كمشروع قانون يقدم من قبل مجلس الوزراء يذهب بداية إلى مجلس شورى الدولة وإحالته للتصويت. إحدى العقد الرئيسية تتعلق بالدعم الأمريكي، حيث أكد الدهلكي أن لابد من توفر عامل دعم أمريكي ودعم لوجستي وتدريب وتقديم المشورة الاستخباراتية من الجانب الأمريكي.
مستقبل العمليات المشتركة
الجدل لا ينحصر في الإطار القانوني أو الخارجي، بل يمتد إلى ملف الحشد الشعبي والفصائل. هناك تحديات تقف عائقًا لها هو مصير الحشد الشعبي والفصائل حالت دون إعادة تسمية القيادة العامة للقوات المسلحة. ترى دراسات بحثية أن هذه العقبة تكشف صعوبة دمج الفصائل في هيكل موحد للقوات المسلحة.
الخيارات المطروحة
الخيارات المطروحة لا تقف عند حدود الحل، بل تتعلق أيضًا بإعادة تعريف صلاحيات الوزارات. فقد أوضح الدهلكي أن هذا يسهل فك وزارة الداخلية من الملف الأمني والمحافظات وتحويلها إلى هيكلية الوكالات والمديريات كما تحتاج إلى فك قيادة قوات الشرطة الاتحادية إلى وزارة الدفاع. يفسّر خبراء في الشأن المؤسسي هذا الطرح بأنه محاولة لترسيخ مبدأ الفصل الوظيفي.
الخلاصة
النقاش حول مصير قيادة العمليات المشتركة يعكس فجوة بين الأصل الدستوري والواقع الأمني. فالدستور يتحدث عن القوات المسلحة وقيادة عامة موحدة، لكن الأحداث فرضت قيادة مشتركة مؤقتة منذ 2007. الجديد أن الانسحاب الأمريكي جعل مسألة الحل أو إعادة الهيكلة مطروحة بجدية، بينما الثابت أن غياب التوافق السياسي يعطل أي مسار إصلاحي.

