الذكاء الاصطناعي يغير ديناميكيات العمل
في مكاتب اليوم، تتغير ديناميكيات العمل بشكل لم يسبق له مثيل، حيث لم يعد نقل الخبرة يتدفق من الأعلى إلى الأسفل، بل أصبح يسير في اتجاهين، تقوده الأجيال الشابة التي أتقنت أدوات المستقبل. لقد تحول الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة لزيادة الكفاءة إلى جسر معرفي بين الأجيال، حيث يقود الموظفون الأصغر سناً زملاءهم الأكثر خبرة في رحلة التعلم الرقمي.
التبادل المعرفي بين الأجيال
هذا التبادل الفريد لا يقتصر على تعلم مهارات جديدة، بل يفتح الباب أمام أسئلة جوهرية حول إعادة تشكيل بيئة العمل. وكشف تقرير نشرته شبكة "سي إن بي سي" أن الجيل "زد" لا يكتفي بتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، بل أصبح قوة دافعة لانتشارها داخل بيئة العمل. ووفقاً لاستطلاع أجرته شركة "إنترناشيونال وورك بليس غروب" فإن ما يقرب من ثلثي الموظفين الشباب يشاركون بنشاط في مساعدة زملائهم الأكبر سناً على تعلم كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
سد الفجوة بين الأجيال
هذا التبادل المعرفي يعيد تشكيل التعاون بين الأجيال، حيث أشار نصف الموظفين المستطلعة آراؤهم إلى أن الذكاء الاصطناعي يساهم في سد الفجوات بين الأجيال. وأظهر التقرير أن أربعة من كل خمسة مدراء كبار اعتبروا أن هذه الشراكة مع الموظفين الأصغر سناً تسمح لهم بالتركيز على "المهام ذات القيمة الأعلى".
الجيل زد: أطفال الإنترنت الحقيقيون
يعرف الجيل زد بأنه الجيل الذي وُلد بعد انتشار الإنترنت على نطاق واسع، تحديداً منذ أواخر التسعينيات وحتى أوائل العقد الأول من الألفية الجديدة. هذا الجيل نشأ في عالم رقمي متصل، حيث كانت التكنولوجيا والهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي جزءاً لا يتجزأ من حياتهم اليومية منذ الطفولة المبكرة.
ثورة الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل
مع دخول الذكاء الاصطناعي كقوة محورية في سوق العمل، تتجه المؤسسات نحو تغيير جذري في طبيعة الوظائف وآليات الإنتاج. ستشهد السنوات القادمة أتمتة المهام الروتينية والتحليلية، مما يفسح المجال أمام الأدوار الإبداعية والاستراتيجية التي تتطلب الذكاء العاطفي والتفكير النقدي.
التكامل بين الأجيال واللمسة الإنسانية
على الرغم من الثورة التقنية المتسارعة، تبقى الحاجة ماسة لمهارات جميع الأجيال في مكان العمل المستقبلي، وليس فقط القدرات التكنولوجية. خبرة الأجيال الأكبر سناً ومهاراتهم في التواصل والقيادة والحكمة المكتسبة من التجربة تشكل رصيداً ثميناً لا يمكن للآلات أن تحل محله.
انقلاب واسع في الهياكل الهرمية للسلطة مستبعد على المدى القريب
من جانبه، قال إيهاب الزلاقي خبير تكنولوجيا المعلومات إن التغيرات التكنولوجية السريعة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي تؤثر على جميع الأعمال والمجالات، كما تؤثر أيضاً على الطريقة التي يتم بها إنجاز الأعمال اليومية. ولكن على المدى القريب لا يمكن الحديث عن انقلاب واسع في الهياكل الهرمية للسلطة في الشركات والمؤسسات.
تغييرات في التراتبية الوظيفية
مع كل هذه المميزات التي تحققها الأجيال الأصغر من خلال إتقان الذكاء الاصطناعي، يشير خبير تكنولوجيا المعلومات إلى أن دراسات السوق لا تتوقع أن يحدث انقلاب كامل في هياكل السلطة الوظيفية. ربما تحدث بعض التغييرات بطبيعة الحال في شكل الوظائف والتراتبية الوظيفية، ولكن العناصر الأخرى غير الفنية في العمل مثل الإدارة والتنسيق والحوكمة وثقة العملاء والمساءلة ما تزال ترسخ أدوار القيادات التقليدية.

