وفاة الشيخ عبد الستار القره غولي: تعقيدات المشهد الديني في العراق
تفتح وفاة الشيخ عبد الستار القره غولي، إمام وخطيب جامع كريم الناصر في الدورة، ملفاً حساساً يعكس تعقيدات المشهد الديني في العراق بعد عام 2003، حيث تداخلت التوترات الفكرية مع حسابات سياسية وأمنية جعلت المنابر جزءاً من صراع أوسع.
الحادثة التي أدت إلى الوفاة
وفق الشهادة التي حصلت عليها "بغداد اليوم"، فإن ما جرى لم يكن حادثاً عرضياً، بل نتيجة دفع واعتداء مباشر من أشخاص على عداوة مع الشيخ، ولديهم أجندة سياسية محمية من جهات نافذة، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية ووفاته لاحقاً، قبل أن يُبلغ الشاهد الدوريات الأمنية بما حصل.
التيار المدخلي بين الحظر والجدل
التيار المدخلي في العراق، وهو تيار سلفي عُرف بموقفه الرافض لتنظيم القاعدة، ودعوته للابتعاد عن العنف والانخراط المسلح. ففي وقت سابق، أدرجته مستشارية الأمن القومي ضمن قائمة الحركات المصنفة "عالية الخطورة"، ومن أزالته في وقت لاحق، ما اعتُبر آنذاك قراراً مثيراً للجدل في الأوساط الدينية والسياسية.
روايات متباينة حول الحادثة
الشيخ السلفي عُبيد الشمري، المحسوب "مدخليا"، قدّم رواية مغايرة، قائلاً إن ما حدث لم يكن سوى "سوء تفاهم" بين القره غولي وأحد المصلين، تزامن مع إصابته بنوبة قلبية مزمنة، مؤكداً أن وفاته جاءت نتيجة انفعاله الشديد ونقله إلى المستشفى.
إشكالية التطرف والمرجعيات الدينية
المشهد لم يقف عند هذا الحد، إذ قدّم الشيخ الدكتور أحمد الجبوري، أحد أئمة المهدية الثانية بالدورة، رواية تفصيلية أوضح فيها أن القره غولي كان خطيباً أول معيناً رسمياً من الوقف، إلى جانبه خطيب ثانٍ صاحب أفكار متشددة، مشيراً إلى أن الأخير منع الشيخ عبد الستار من الصعود للمنبر ودفعه مع مجموعة من أنصاره، فيما كان يعاني من مرض في القلب، مما أدى إلى وفاته.
تأطير الحادثة سياسياً
إلى جانب الروايات المتباينة حول ما جرى في جامع كريم الناصر، برزت محاولات لتأطير الحادثة سياسياً من خلال تضخيم الحديث عن "اغتيال" و"اقتحام جماعي" للمسجد. لوحظ أن بعض الجهات سعت إلى استثمار الموقف لتغذية مشاعر الاحتقان داخل المكون السني، ودفعه باتجاه قراءة الحدث كجريمة مدبرة تحمل بصمات سياسية.
التحديات التي يواجهها العراق
من هنا، تكشف حادثة الدورة عن طبيعة التحديات التي يواجهها العراق منذ 2003 في إدارة التعددية داخل المساجد، حيث قد يتطور الخلاف حول المنبر إلى حادثة مؤسفة. وتعدد الروايات بين من يصف ما جرى بأنه اعتداء مباشر، ومن يرى أنه نتيجة ظرف صحي طارئ، يعكس الحاجة إلى آليات أوضح في تنظيم عمل المنابر وتحديد المسؤوليات.

