الإصلاح المصرفي في العراق: تحديات وفرص
يمر القطاع المصرفي العراقي بمرحلة حرجة تتقاطع فيها الاعتبارات الاقتصادية والمالية مع متطلبات إصلاح بنيوي ظل مؤجلاً لسنوات. بعد عقود من التحديات، ووسط ضغوط دولية ومحلية لرفع كفاءة النظام المالي، برزت ورقة الإصلاح التي أطلقها البنك المركزي بالتنسيق مع شركة استشارية دولية كمحاولة لإعادة بناء الثقة وإيجاد قواعد أكثر صلابة لعمل المصارف.
تعديلات استجابة لضغوط السوق
تشير التطورات الأخيرة إلى أن الإصلاح لم يُفرض بشكل أحادي، بل جاء بعد سلسلة من المداولات الفنية مع المصارف. وأوضح الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه أن "البنك المركزي قام خلال الأسابيع الماضية بإجراء تعديلات واسعة في ورقة الإصلاح المصرفي، استجابةً للملاحظات التي قدمتها المصارف، مشيراً إلى أنه حرص على فتح حوار موسّع مع المصارف العراقية لتوضيح الجوانب الفنية للورقة الإصلاحية".
إصلاح تدريجي بمراعاة الخصوصية
لا يقتصر النقاش على شكل الإصلاح، بل يشمل وتيرته. وأشار عبد ربه إلى "أهمية تنفيذ آليات الإصلاح بشكل تدريجي، مع مراعاة خصوصية الواقع الاقتصادي العراقي، مؤكداً ضرورة الالتزام بالإصلاح من حيث المبدأ، مع صياغة المعايير والإجراءات بطريقة تعزز الثقة في القطاع المصرفي وتسهم في تطويره".
جوهر التعديلات وأبعادها
تطرح التعديلات الأخيرة أسئلة جوهرية عن طبيعة الدور الذي ستلعبه المصارف الأهلية. وأوضح عبد ربه أن التعديلات "تضمنت تمديد فترة رأس المال للمصارف، وإعادة النظر في هيكل الملكية، وإلغاء شرط الشريك الأجنبي، بما يوفر مرونة أكبر أمام المصارف في تطبيق الإصلاحات ويعزز دورها في دعم الاقتصاد الوطني".
توقيت الإصلاح وأهدافه
يرى عبد ربه أن "الإصلاح المصرفي يأتي في وقت حاسم، حيث يسعى العراق إلى تعزيز قدرة القطاع المصرفي على تمويل المشاريع التنموية والاستثمارية، وتقليل المخاطر المالية عبر اعتماد معايير أكثر مرونة وشفافية، كما نجاح الورقة الإصلاحية يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق استقرار مالي شامل وزيادة الثقة لدى المستثمرين المحليين والدوليين".
الإصلاح كحاجز أمام العقوبات والفساد
لم يكن الإصلاح المصرفي خياراً داخلياً فحسب، بل جاء أيضاً كاستجابة لضغوط خارجية ارتبطت بمخاطر العقوبات الدولية. فالتأخر في اعتماد المعايير المطلوبة وتباطؤ المصارف في الالتزام بالضوابط التنظيمية فتح الباب أمام جهات رقابية دولية للتشكيك بقدرة العراق على إدارة قطاعه المالي بشفافية.
التحديات القادمة وآفاق التنفيذ
وختم عبد ربه بالقول إن "الأسابيع المقبلة ستشهد مفاوضات وتنسيقاً مستمراً بين البنك المركزي والمصارف الأهلية، لضمان توافق جميع الأطراف على تطبيق الإصلاحات بشكل سلس وفعّال، وهذه الإجراءات تمثل فرصة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتعزيز دوره في الاقتصاد الوطني بعد سنوات من التحديات المالية والتقلبات الاقتصادية".

