أزمة المياه في العراق: تحديات وطنية وعلاقات خارجية
المقدمة
يتوجه العراق إلى مرحلة مائية غير مسبوقة بسبب انخفاض مستويات الخزين الاستراتيجي في السدود إلى حدود مقلقة. هذا الوضع يعكس أزمة مركبة تتأثر بعوامل التغير المناخي وضغوط دول المنبع وضعف الإدارة الداخلية.
حجم الخزين الاستراتيجي
تُظهر البيانات الرسمية أن المخزون الحالي لا يتجاوز 5 مليارات متر مكعب، بينما تُظهر السعات التصميمية لعدد من السدود الكبرى أن الطاقة النظرية المتاحة تفوق 29 مليار م³. هذا التباين يوضح عمق الاختلال بين الإمكان النظري وما هو متحقق فعلياً.
الأسباب والتحديات
يشير عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية إلى أن الأزمة تعكس استنزاف الخزين بسبب الاستخدام الواسع لتأمين مياه الشرب وتشغيل محطات الإسالة وسقي البساتين. كما تشير الدراسات إلى أن بحيرة حمرين فقدت قرابة 99% من قدرتها التخزينية بين عامي 2021-2022 نتيجة الترسيب وشح الإيرادات.
العلاقات الخارجية
يضيف عضو اللجنة إلى أن إجمالي الكمية الواردة من تركيا لا يتجاوز 150 متراً مكعباً في الثانية، في حين أن حاجة العراق الحقيقية تتراوح بين 750-800 متراً مكعباً في الثانية. هذه الأرقام تعكس فجوة هائلة تجعل العراق مضطرة للسحب من احتياطها.
التباين الجغرافي
تُظهر بيانات ربيعية في إقليم كردستان أن مجموع خزين السدود هناك بلغ 3.6 مليارات م³، مع نسب امتلاء متفاوتة. هذا التباين الجغرافي بين الموارد والطلب يضيف طبقة جديدة من التعقيد في إدارة الملف.
الضغط الاقتصادي
يعكس التلويح بورقة الضغط الاقتصادي تحوّلاً في ملف المياه إلى ورقة تفاوضية تتجاوز حدود السياسة المائية، ليتحول إلى عنصر في معادلة العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول الجوار.
الخلاصة
إن أزمة المياه الراهنة لا تختزل في رقم الخزين البالغ 5 مليارات م³، بل في البنية المعقدة التي أنتجته. مستقبل العراق المائي مرهون بمسارين متوازيين: دبلوماسية صارمة تضمن الالتزامات الدولية، وبرامج داخلية عاجلة لرفع كفاءة إدارة الموارد وتقليل الفاقد.

