مخططات الجحيم للمنطقة، والتى تُطبخ على نار مشتعلة داخل الغرف السوداء، تنال من 10 دول عربية رئيسية، لم تعد خافية، وأن المخطط الرئيسى لأزمات المنطقة طوال العقود الماضية، والذى كان يعمل فى الخفاء، ظهر على السطح، فى رسالة مفادها: «نحن من ندير المخطط برمته فى الغرف السوداء»، ومن ثم فإن مخطط تدشين مشروع «ريفيرا غزة» ما هو إلى حجر أساس لمشروع أضخم فى السيطرة والاستحواذ على مقدرات الأمة العربية، ولا توجد دولة واحدة بعيدة عن هذا المخطط الجهنمى!
المدبر الأول للجحيم فى المنطقة، تخلى عن الكياسة والفطنة السياسية والأعراف والتقاليد الدبلوماسية الحاكمة للعلاقات بين الدول، واحترام المؤسسات الدولية – حتى ولو شكلا – وينتهج سياسة فجة، قائمة على «الاستكثار» بأن دول تمتلك ثروات طبيعية سواء كانت نفطية أو معادن أو ممرات بحرية أو مواقع جغرافية متميزة، إلى آخر هذه المميزات، ويبحث أن يجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، على حساب مقدرات الشعوب، وحقها فى العيش آمنة مستقرة تبسط نفوذها وسيطرتها على مقدراتها، فى ارتداد واضح ومخيف لحياة الغاب!
ومصطلح «الغرف السوداء» فى السياسة، لمن لا يعرف، يشير إلى الاجتماعات والمفاوضات السرية التى تتم بعيدا عن العيون والرقابة، وهو تعريف تقريبى وليس مُطلقا، وظهر هذا المصطلح مع تطور العمليات السياسية التى تكتنفها السرية الشديدة، سواء كان ذلك لأسباب تتعلق بالأمن القومى أو لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية!
مخططات الغرف السرية، والخطوط الساخنة المفتوحة بين تل أبيب وواشنطن، تسير بغطرسة، وجبروت لا مثيل له، وأن هناك تبادل منفعة مباشرة ومثيرة، وكأنها مباراة مبارزة بين الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، كل يتعامل مع الآخر باعتباره رأس حربة تحقيق المصالح والأهداف الخاصة.
الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، يُسخر إسرائيل لتحقيق أهدافه فى سلب مقدرات شعوب المنطقة، فى تطبيق القول المأثور «يأكل مع الذئب ويبكى مع الراعى»، فبينما يطلق أيادى نتنياهو للعربدة فى المنطقة، وإبادة غزة تمهيدا للسيطرة عليها وتحويلها إلى ريفيرا أمريكية فى قلب المنطقة، فإنه يظهر أمام كاميرات القنوات الفضائية والصحف العالمية، بأنه يحاول البحث عن إيقاف الحرب، وأنه متعاطف مع أطفال غزة الذين يلقون حتفهم من الجوع، وأن زوجته لفتت نظره نحو هذه المأساة، وهى تصريحات عكس ما يدور فى الغرف السوداء.
أما بنيامين نتنياهو، فهو يرى فى دونالد ترامب، الكارت الذهبى أو الكنز الاستراتيجى القادر على تحقيق حلمه، إسرائيل الكبرى، أو مملكة شاؤول وداوود وسليمان، وتنصيبه ملكا – وفقا للأسطورة التلمودية التى تقول إن هناك ملكا محاربا سيأتى ليؤسس مملكة إسرائيل الكبرى – وأعلنها صراحة بعد أن كانت تدور خفاياها فى الغرف السوداء، لذلك فإن نتنياهو يرى فى ترامب الزعيم القادر على تحقيق حلم تدشين إسرائيل الكبرى، باقتطاع جغرافية 8 دول على الأقل، قابلة للزيادة إلى 10 دول محورية!
المثير للدهشة، أن عددا كبيرا من الباحثين والمتخصصين فى التاريخ، يؤكدون أن الأسطورة التلمودية، المتعلقة بتأسيس إسرائيل الكبرى من البحر للنهر، استعارة شبه حرفية مما سطره الملك المصرى الشهير تحتمس الثالث، حول انتصاراته فى حروبه على تحالف الممالك فى آرام ومؤاب وآدوم وكنعان، ومسجلة على المعابد أشهرها معبد الكرنك، وأن هذه الانتصارات المدوية مكنته من تأسيس إمبراطورية مصرية امتدت فعليا من النيل إلى الفرات.
ويؤكد الخبراء، أن الرواية التلمودية عن امبراطورية داوود جاءت على شكل استعارة دون تعديل لما سطره الملك تحتمس الثالث، وهناك شواهد كثيرة تؤكد هذه الرواية وصدقها.
الثابت من هذا السرد، أن هناك مخاطر جسيمة تواجه الأمة، وأن هناك خلية نحل فى الغرف السوداء، تعمل ليل نهار لتحقيق الهدف المنشود بتغيير وجه المنطقة، وإسقاط دول من فوق الخرائط الجغرافية، لدرجة أن الناجى من المخطط، سيُقتطع من جغرافيته جزء كبير! ثم الانطلاقة الكبرى نحو السيطرة على مقدرات الأمة واعتبارها غنائم.
المخططات الحالية، أشرس مما هو مدون فى سجلات التاريخ، بدءا من الحروب الصليبية وهجمات التتار الشرسة، ثم الاستعمار الحديث المتمثل فى أوروبا، وكيف تستفيد من ممتلكات الرجل الضعيف «الخلافة العثمانية»، وتقسمت المنطقة ما بين بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وغيرها من الدول الأوروبية، لذلك فإن اليوم قرار توحيد الصف العربى صار فقه الضرورة، ومركب نجاة وحيد من الغرق، ولم تعد هناك رفاهية للكلام والمناقشة والبحث، وإنما تكاتف ووحدة القرار، فالمخاطر تنال من الجميع، ولا تضمن دولة عربية النجاة بمفردها من تسونامى مخططات الغرف السوداء!

