صيف كردستان: تحولات اقتصادية وخدمية في ظل التحديات
بغداد اليوم – أربيل
التحول في البنية الاقتصادية والخدمية
تحوّل صيف إقليم كردستان هذا العام من مجرد فصل مناخي قاسٍ، إلى مرآة تكشف عمق التحولات في البنية الاقتصادية والخدمية والاجتماعية. الخبير في الشأن الاقتصادي سالار عزيز لخص هذه الازدواجية حين قال إن "أبرز المظاهر الإيجابية التي رافقت الصيف الحالي، هو التخلص من المولدات الأهلية، والتحول إلى مشروع الكهرباء على مدار الساعة". هذه الإشارة إلى انطفاء المولدات تعكس تحولاً جوهرياً في إدارة الطاقة بالإقليم، إذ يمثل توافر الكهرباء المستمرة لأول مرة منذ عقود قفزة نوعية في بنية الخدمات.
التحديات الاقتصادية والخدمية
غير أن هذه الإيجابية لم تكن كافية لتغطية المظاهر الأخرى، حيث أضاف عزيز أن "المظاهر السلبية التي عانى منها المواطن الكردي كانت كثيرة، لعل أبرزها الأزمة الاقتصادية وشلل حركة السوق، بسبب تأخر صرف الرواتب، وتأثر معظم القطاعات بهذا الشأن". هذا التوصيف لا يشير إلى أزمة عابرة، بل إلى خلل بنيوي في المالية العامة، حيث يبقى اقتصاد الإقليم معلقاً على إيقاع التحويلات الشهرية.
الأزمة البيئية والاقتصادية
وتعمقت المظاهر السلبية أكثر حين أشار عزيز إلى أن "من بين الظواهر السلبية التي رافقت صيف العام الحالي، هي أزمة المياه، التي كانت الأشد من بين الأعوام الماضية في إقليم كردستان، وعانى منها المواطن الكردي بشكل كبير، فضلا عن الارتفاع المستمر في أسعار الوقود، وخاصة مادة البنزين". هنا تلتقي الأزمة البيئية مع الاقتصادية: شحّ المياه يعكس أثر التغير المناخي وضعف البنية التحتية.
استعدادات الشتاء والتحديات المستقبلية
مع الاستعداد لوداع الصيف واستقبال الشتاء، تتجلى صورة أخرى للتحديات. الخبير في الشأن الاقتصادي فرمان حسين أوضح أن "أبرز معالم الاستعداد الحالي، هي الإقبال من الآن على شراء مادة النفط الأبيض، وعدم انتظار الحصص التي توزعها الحكومة". ويضيف أن "بسبب مخاوف المواطنين من أسعار الكهرباء في فصل الشتاء، بعد الاتجاه إلى تطبيق مشروع الـ24 ساعة، بدأت الأغلبية بشراء النفط منذ الآن".
التحضيرات الشتويّة والآثار المالية
وتتسع دائرة التحضيرات، حيث يشير حسين إلى أن "الاتجاه السائد في أغلب مدن الإقليم، هو تحويل سخانات الماء من النظام الكهربائي إلى النظام الغازي، بهدف تقليل الصرفيات المالية". في المقابل، ما تزال الأزمة المالية قائمة، حيث يوضح أن "الأزمة المالية ماتزال تلقي بظلالها، بالرغم من صرف راتب شهر حزيران، لأن هذا الراتب ذهب لسداد الديون".
الاستنتاج
الصورة النهائية تبدو مركبة: صيفٌ شهد إنجاز الكهرباء الدائمة، لكنه تزامن مع أزمات الرواتب والمياه والوقود، وشتاء يقترب مع مخاوف من فواتير مرتفعة وارتفاع أسعار النفط الأبيض. وبين هذين الفصلين، يبقى المواطن الكردي في معادلة صعبة: أملٌ في خدمات مستقرة، وخوف دائم من أن تتحول هذه الخدمات إلى عبء جديد.

