الفن ضد الحرب: صرخة الإبداع في وجه العنف
في ظل الحصار والجوع والمرض، تظل مدينة الفاشر في غرب السودان تعاني أوضاعاً إنسانية كارثية. ومع ذلك، يجد الفن التشكيلي السوداني طريقه ليكون صوتاً للصمود والتحدي في وجه الحرب والدمار. في مبادرة تضامنية تحت شعار "قلوبنا مع فاشر السلطان"، أقام الاتحاد العام للفنانين التشكيليين السودانيين معرضاً إفتراضياً لدعم سكان مدينة الفاشر الذين يواجهون أوضاعاً إنسانية قاسية.
حكايات الناس تحت القصف
عمل أكثر من 100 فنان تشكيلي سوداني على تقديم مجموعة أعمال عن حكايات الناس تحت القصف ورحلات النزوح من مكان إلى آخر بحثاً عن الأمن وحماية العائلة. كما قدم بعض الفنانين تصورات بصرية لمدينة الفاشر باعتبارها حاضنة هوية تاريخية، ثم كمدينة تقاوم الحصار وتتحدى التهميش. استقطبت مأساة الفاشر اهتمام تشكيليين سودانيين كثر في دول عدة، قدموا أعمالاً نوعية بأساليب مختلفة، منها لوحات مباشرة وبوسترات إيضاحية تحاكي التجارب وصوت الفنانين.
تضامن إنساني
الأمين العام لاتحاد التشكيليين السودانيين عصام عبدالحفيظ أكد أن التشكيليون في السودان كانوا دائماً في المقدمة لكل القضايا الوطنية والمجتمعية. وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي استجابة لرسائل الصمود التي بعث بها الفنان صلاح إبراهيم من قلب المعاناة، وتجسيداً للدور التاريخي للفن التشكيلي السوداني في مرافقة النضال الوطني. شارك في المعرض الإسفيري أكثر من 100 فنان تشكيلي سوداني من شتى بقاع العالم، بأساليب مختلفة، منها بوسترات إيضاحية ولوحات مباشرة، وأفكار مختلفة تحاكي تجاربهم النوعية.
صوت اللون
وصف التشكيلي عبدالرحمن شنقل مبادرة "قلوبنا مع فاشر السلطان" بأنها ليست مجرد معرض افتراضي، "بل لحظة سحرية تتقاطع فيها الدماء والدهشة، لتخرج اللوحة من القماش إلى روح الإنسان". وأشار إلى أن الأعمال الفنية توقظ الضمير والوعي الإنساني لمأساة سكان مدينة الفاشر التي تمثل رمزية لجميع السودانيين. وأوضح شنقل أن دور الفن يتمثل في التعبير عن الأحداث بكل صدق وشفافية، ومن واقع اهتمامه بقضايا السلام ونبذ العنف والقتل والحرب، شارك في المعرض الإسفيري بعمل عن أوضاع النازحين ومعاناتهم في رحلات التشرد.
تظاهرة فنية
قال التشكيلي هيثم سليمان النيل إن "المعرض الإسفيري ليس مجرد تجمع فني، بل هو منبر مقاومة بصرية يعبر عن الألم والدمار الذي تعيشه مدينة الفاشر في ظل الحصار والتجويع لأكثر من 500 يوم". وأضاف "اجتمع أكثر من 100 تشكيلي سوداني لتصوير الواقع الذي يعيشه سكان الفاشر وفق رؤاهم، وعبر كل فنان بالألوان عن مشاهدته تفاصيل الأحداث الجارية بأسلوبه الخاص". ووصف النيل المعرض بأنه "تظاهرة فنية تتحدى الموت والحصار وتكسر الحواجز والحدود وتسهم في نقل الواقع عن الفاشر من خلال الأعمال التي عبرت عن قصص الدمار والفقد والموت والضعف والنزوح والجوع والألم والصبر والصمود والانكسار".
حصار وأزمات
تعيش مدينة الفاشر ظروفاً إنسانية قاسية جراء الجوع والمرض وانعدام شبه كامل للغذاء بسبب الحصار المفروض عليها بواسطة قوات "الدعم السريع" منذ أكثر من 15 شهراً، فضلاً عن الهجمات والقصف المدفعي المتكرر. يعاني نحو 40 في المئة من الأطفال تحت سن الخامسة سوء التغذية الحاد، ويأكل المدنيون علف الحيوانات، بينما يموت كثر ممن يهربون إلى الصحراء جوعاً أو جراء العنف. وتفرض "الدعم السريع" حصاراً منذ مايو من العام 2023 على الفاشر، المدينة الرئيسة الوحيدة في الإقليم، والتي لا تزال تحت سيطرة الجيش.

