الحسن واتارا: الاقتصادي المخضرم الطامح إلى ولاية رئاسية رابعة في كوت ديفوار
من أجل مواجهة «ظروف استثنائية» وتحديات أمنية واقتصادية وصفها بـ«الحادة» أعلن رئيس كوت ديفوار، الحسن واتارا، عزمه الترشح لولاية رئاسية رابعة، في الانتخابات المقرر إجراؤها في 25 أكتوبر المقبل، مجدداً جدلاً صاحب ولايته الثالثة، ومثيراً تساؤلات حول مستقبل الانتقال السياسي في أكبر دولة منتجة للكاكاو في العالم.
الشخصية التكنوقراطية
على امتداد عقود كان اسم الحسن درامان واتارا، أو «آدو» كما يلقب تبعاً للحروف الثلاثة الأولى من اسمه، حاضراً في تاريخ كوت ديفوار. الرجل اقتصادي تكنوقراطي، احترف لغة الأرقام، وصاغ بها مشروعه السياسي. واستعان به الرئيس الأسبق ومؤسس كوت ديفوار فيليكس هوفويه بوانيي لإنقاذ الاقتصاد المتعثر.
حجة الظروف الاستثنائية
واتارا، من جانبه، يدافع عن رغبته في البقاء، بحجة وجود «ظروف استثنائية تمر بها البلاد، وتفرض عليه الاستمرار في القيادة». وفي رسالة مصوّرة نشرها عبر حسابه على منصة «إكس»، معلناً خلالها عزمه الترشح للرئاسة، قال: «ثمة تحديات أمنية واقتصادية ومالية غير مسبوقة تتطلب الخبرة لإدارتها».
المهمة الإنقاذية
عام 1990، استعان به فيليكس هوفويه بوانيي، الرئيس المؤسس لكوت ديفوار، لإنقاذ الاقتصاد وإدارة مرحلة التقشف، وعيّنه رئيساً للوزراء حتى 1993… وعندها دخل معترك السياسة المعقد. طبّق واتارا وصفات التقشف والتغيير التي أوصت بها المؤسسات الدولية. ورغم قسوة قراراته على الطبقات الوسطى والفقيرة، فإنها أكسبته سمعة التكنوقراطي الصارم والخبير المتمكن.
عقبة الهوية
مع هذا، لم يكن طريق السياسة ممهداً كطريق الاقتصاد. إذ عاش واتارا تجربة قصيرة مع السلطة، قبل أن يصطدم بعقبة «الهوية الإيفوارية»، ما حال بينه وبين قصر الحكم لسنوات. وبينما أكّد دائماً أن والديه من كوت ديفوار، قضت محكمة عام 1995 بأن والدته من بوركينا فاسو المجاورة.
حرب أهلية
وهكذا، بات الخلاف حول جنسية واتارا رمزاً للتهميش ضد الشمال ذي الغالبية المسلمة، حيث استقر العديد من المهاجرين من الدول المجاورة للعمل في مزارع الكاكاو. وعام 2002، اندلعت حرب أهلية قسّمت البلاد بين شمال وجنوب، وصوّر غباغبو نفسه كمن يتعرّض لهجوم من قوى أجنبية. واتّهم واتارا بدعم حركة «القوات الجديدة» المتمردة في الشمال.
واتارا رئيساً
مهّدت تلك الأحداث لتعديل الدستور، وإلغاء شرط أن يكون والدا المرشح من أصول إيفوارية. هذا فتح الباب أمام واتارا لمنافسة الرئيس غباغبو في الانتخابات التي أجريت في نوفمبر 2010. ورغم تأكيد بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في كوت ديفوار فوز واتارا، رفض غباغبو الاعتراف بالهزيمة، لتبدأ حالة جمود سياسي استمرت أشهراً، وانزلقت إثرها البلاد إلى أزمة مسلحة جديدة، أدّت إلى مقتل 3 آلاف شخص، وتشريد نحو نصف مليون آخرين.
رجل التحديث
إبّان ولاية واتارا الأولى، جرى التركيز على إعادة بناء الاقتصاد، واستعادة ثقة المستثمرين، فتضاعفت معدلات النمو، وأصبح لكوت ديفوار أحد أسرع الاقتصادات نمواً في أفريقيا. واهتم واتارا بالبنى التحتية، ودشن سدوداً ساهمت في زيادة إنتاج الكهرباء، كما نفّذ تغييرات في قطاع الكاكاو تضمن توزيعاً أفضل للعوائد.
الجدل السياسي
وحقّاً، رافق الجدل السياسي محطات عدة في مسيرة واتارا، الذي أُعيد انتخابه في 2015 بنسبة تفوق 83 في المائة، ثم في عام 2020 وسط مقاطعة واسعة وتوترات دامية، ليبدأ ولاية ثالثة، مطعون في شرعيتها، أعادت إحياء الانقسام. بعدها عمّقت انتخابات 2020 شكوك المعارضين في مسار الديمقراطية، خاصةً أن واتارا اعتمد في تلك الانتخابات على أن تعديلات الدستور عام 2016 أعادت احتساب مدد الرئاسة، ما سمح له بالترشح من جديد.

