العلاقة بين الاستقرار السياسي والاجتماعي في العراق
مقدمة
لا يمكن فهم المشهد العراقي دون النظر إلى العلاقة العضوية بين الاستقرار السياسي والاجتماعي. هذه العلاقة هي المدخل الأساسي لفهم توازن الدولة والمجتمع، حيث يعكس استقرار المؤسسات السياسية وتوفّر الحوكمة الرشيدة انعكاسًا إيجابيًا على بنية المجتمع وثقته بنفسه وبمؤسساته.
العلاقة بين الاستقرارين السياسي والاجتماعي
الباحث رياض الوحيلي يشير إلى أن "لا يمكن تحقيق استقرار اجتماعي حقيقي دون وجود بيئة سياسية مستقرة ومتماسكة". هذه العلاقة العضوية بين الاستقرارين السياسي والاجتماعي تعني أن الأزمات الاجتماعية في العراق هي انعكاس لأزمات الحكم والشرعية. يشير محللون إلى أن غياب الفعالية المؤسسية وتشتت الرؤية السياسية منذ عام 2003 جعل النسيج الاجتماعي هشًا، يفتقد للثقة والعدالة.
دور الحوكمة الرشيدة
كلما توفرت الحوكمة الرشيدة وفعالية المؤسسات ووضوح الرؤية السياسية، انعكس ذلك إيجابًا على النسيج الاجتماعي وعلى شعور المواطن بالثقة والأمان والعدالة. هذا يعكس التجارب المقارنة، حيث أظهرت دراسات أن المجتمعات التي تمتلك مؤسسات سياسية فعالة تكون أقل عرضة للتوترات الاجتماعية والعنف الأهلي.
الحوار الوطني والتداول السلمي للسلطة
تعزيز الاستقرار السياسي من خلال الحوار الوطني وتغليب المصلحة العامة واحترام مبدأ التداول السلمي للسلطة يعد عاملًا أساسيًا في تهدئة الاحتقان المجتمعي وتقليل الفجوات الطائفية والعرقية ومكافحة مظاهر العنف والتطرف. انعدام التوافق السياسي هو ما غذّى الانقسامات الطائفية والعرقية وجعلها تتحول إلى بؤر توتر دائمة.
كلفة الانقسامات السياسية
المجتمعات التي تشهد انقسامات سياسية حادة غالبًا ما تعاني من ضعف في البنية الاجتماعية، مما يفتح المجال أمام الأزمات الاقتصادية والنفسية والثقافية. هذا يعكس ما رصدته تقارير اقتصادية دولية حول العراق، حيث يُشير إلى أن غياب الاستقرار السياسي يضاعف من معدلات البطالة ويُضعف جودة التعليم والخدمات ويغذي الأزمات النفسية والثقافية.
الاستقرار السياسي كأولوية وطنية
اليوم، هناك حاجة ملحة لمشروع سياسي جديد قادر على استعادة الثقة المفقودة بين المواطن والدولة. مراقبون يرون أن الخطر الأكبر يكمن في ترك الساحة للخطابات الانفعالية والولاءات الضيقة، في وقت يحتاج فيه العراق إلى لغة تهدئة مسؤولة، تصنع أرضية للتنمية بدل أن تعيد إنتاج الانقسام. السؤال المفتوح هو: هل تستطيع القوى السياسية العراقية أن تنتج خطابًا توافقيًا هادئًا يضع الاستقرار السياسي كأولوية وطنية؟