ديالى ساحة اختبار للديمقراطية: بين المال والنفوذ والخطابات المتشنجة
ديالى تتحول إلى ساحة اختبار حقيقية لقدرة العملية الديمقراطية على الصمود أمام ضغوط المال والنفوذ والخطابات المتشنجة، حيث تُعد الانتخابات المرتقبة في تشرين ليست مجرد موعد انتخابي، بل هي معركة على قواعد اللعبة نفسها. هل تُترك صناديق الاقتراع لتعبّر عن إرادة الناس، أم تُستدرج مجددًا لتكون رهينة أدوات السلطة والتوتر الأمني؟
رئيس مجلس ديالى: الانتخابات هي المضمار الديمقراطي لبناء العملية السياسية
رئيس مجلس ديالى، عمر الكروي، شدّد على أن "الانتخابات هي المضمار الديمقراطي لبناء العملية السياسية وضمان ولادة مجلس نواب يمثل كل المكونات وتشكيل حكومة وطنية". هذا التوصيف يربط بين نزاهة الاستحقاق المقبل وبين شرعية النظام السياسي ككل. مراقبون يرون أن هذه المقاربة تُظهر إدراكًا متناميًا بأن فقدان الثقة بالانتخابات يعني ضرب الأساس الذي تقوم عليه العملية السياسية بعد 2003.
ثلاث خطوط حمراء أمام القوى المتنافسة
الكروي وضع ثلاث خطوط حمراء أمام القوى المتنافسة. أولها، "منع انخراط المؤسسات والدوائر الحكومية في السباق الانتخابي أو استغلال المال العام". الخط الأحمر الثاني هو "ضرورة ابتعاد القوى السياسية عن الخطابات المتشنجة وتوعية جمهورها بعدم التصادم". أما الخط الثالث فيتمثل في "الحفاظ على الأمن والاستقرار وعدم السماح بأي محاولة لزعزعة أي منطقة".
حماية المسار الانتخابي من الانزلاق نحو الفوضى
هذه الخطوط ليست مجرد مبادئ أخلاقية، بل شروط واقعية لحماية المسار الانتخابي من الانزلاق نحو الفوضى. الكروي يؤكد أن "مجلس ديالى يدعم الانتخابات وشفافيتها، وأن تكون نتائجها نتاج اختيار الشعب بكل قومياته". هذه الرسالة تنسجم مع خصوصية المحافظة التي طالما كانت ساحة هشّة للتوازنات بين المكونات.
دعوة لتشجيع المشاركة الفعالة في الانتخابات
وفي جانب آخر، دعا الكروي "القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني والناشطين لتشجيع المشاركة الفعالة في الانتخابات". هذه الدعوة تسلّط الضوء على أحد أبرز التحديات في الانتخابات العراقية: العزوف الشعبي. مختصون يؤكدون أن ضعف الإقبال على صناديق الاقتراع لم يعد مجرد رقم في نسب المشاركة، بل مؤشر على أزمة تمثيل أوسع تهدد معنى العملية الديمقراطية نفسها.
معادلة الانتخابات في العراق
الكروي يختم بالقول إن "كلما كانت المشاركة أكبر، زادت معدلات التغيير والتصويت". هذه العبارة تختزل معادلة الانتخابات في العراق: بدون مشاركة شعبية واسعة، تبقى أي وعود بالتغيير مجرد خطاب سياسي. ويبقى الرهان معلقًا على ما ستكشفه صناديق تشرين: هل تنجح ديالى، ومعها بقية المحافظات، في فرض احترام الخطوط الحمراء وحماية الصندوق، أم أن التنافس سيتجاوزها لتعود المحافظة إلى دائرة الفوضى والتجاذبات؟ سؤال يعلّق مصير العملية الانتخابية على وعي القوى والناخبين معًا.