الأزمة المائية في العراق: تحديات ومساومات
الأزمة المائية في العراق أصبحت مصدر قلق كبير لأنها تؤثر بشكل مباشر على حياة الناس وتسبب مشاكل económية و sociale. تراجع الإطلاقات المائية أدى إلى تقليص مساحات الزراعة الصيفية، وتفاقم البطالة في الريف، وارتفاع أسعار المحاصيل في الأسواق. بالإضافة إلى ذلك، تتفاقم الهجرة من الأرياف إلى المدن مع تصاعد الملوحة في شط العرب، وتتأثر الأهوار بفعل الجفاف وتفقد قيمتها البيئية والثقافية.
الأسباب السياسية خلف الأزمة
يعتقد الخبير في الشؤون المائية رمضان حمزة أن تركيا لم تطلق إمدادات مائية كافية وتماطلت في الكميات، وأن الوعود التركية لم تتحول إلى التزامات فعلية على الأرض. هذا يظهر أن الأزمة المائية في العراق تتجاوز الجوانب الهندسية وتمس السياسة والاقتصاد. يضيف حمزة أن تركيا تستمر بابتزاز الجانب العراقي لغرض دعم الشركات التركية وضخ كميات إضافية من النفط العراقي إلى أنبوب جيهان التركي.
فراغ قانوني وتبعية خارجية
لا يوجد يوم أخير لهذه الإطلاقات، وهذا يعكس فراغ قانوني قديم يعاني منه العراق. فالعلاقة المائية مع تركيا لم تؤطَّر بمعاهدة شاملة وملزمة، بل اعتمدت على بروتوكولات مؤقتة لم تشمل دجلة بشكل مباشر. هذا الغياب لاتفاق ملزم يترك الإطلاقات عرضة للقرار السياسي التركي، ويحوّلها إلى وسيلة ضغط ظرفية.
مستقبل الأزمة المائية
يربط حمزة مستقبل الأشهر المقبلة بـ"كميات الأمطار ومدى قوة الحكومة في التفاوض مع أنقرة لزيادة الإطلاقات". هذا يعكس هشاشة الموقف العراقي بين الطبيعة والسياسة. فمن جهة، ينتظر البلد ما تجود به السماء، ومن جهة أخرى، يفتقر إلى أدوات تفاوضية قوية تفرض التزامات على الجار التركي.
الأثر على الأمن الداخلي
تتراجع المياه وتقلص الموارد الزراعية، مما يغذي النزاعات العشائرية حول الأرض والموارد، ويزيد من احتمالية اندلاع مواجهات مسلحة في المناطق الجنوبية. في الوقت نفسه، يشكّل النزوح الريفي ضغطًا على المدن المكتظة أصلًا، بما يحفز الاحتجاجات ويضاعف تحديات الاستقرار. محللون يحذرون من أن استمرار الجفاف وتباطؤ المعالجات الرسمية قد يحوّل أزمة المياه إلى شرارة توتر أمني أوسع، يهدد البنية الاجتماعية والسياسية للبلد.
الأزمة المائية في المنطقة
الأزمة المائية لا تخص العراق وحده؛ فسوريا، التي تعتمد على حصة الفرات، تواجه بدورها تراجعًا كبيرًا في التدفقات القادمة من تركيا. أما إيران، فملفها مع بغداد يتخذ مسارًا آخر: قطع أو تقليص مياه روافد مثل الكارون والكرخة، ما يزيد الضغط على البصرة ويعمّق ملوحة شط العرب. هذه الصورة الإقليمية تؤكد أن العراق عالق بين منبعين: تركيا شمالًا وإيران شرقًا، ما يجعله في قلب معادلة جيوسياسية مائية لا يمكن حلها بجهد منفرد.